تحسين الزركاني
بعد مضي اكثر من ثلاثين عاما ،على آخر مرة لعبت فيها لعبة "أنا الذيب واكلهم ،وانا الأم وأحميهم"، التي قد يتذكرها كثيرين من أبناء جيلي، مرت علّي اليوم صورتها ،وأنا أشاهد الاخبار السياسية ،والتي يمكن تسميتها "بالمهزلة" ،كونها الوصف الدقيق ،لما يتراشقه بعض الساسة من تصريحات ضد بعضهم ، وهنا حضر الماضي أمامي وصار مضارعا من خلال عودة لعبة طفولتي .
كنا نتشاجر نحن الاصدقاء فيما بيننا لسبب واحد ،ان الجميع يريد أداء دور الأم لندافع عن صغارنا ،وكان المفترض ان تلعبه البنات ،لكننا نتهرب من أداء دور الذئب ،لأنه يحاول الاعتداء على الصغار، وفي النهاية طبعا تفوز الأم على الذئب الشرير.
لكنني اليوم وقفت عاجزا حائرا ،أمام ما تراشقه الساسة تجاه بعضهم ،فلم اتمكن من تميز الذئب عن الأم ،لأن الجميع كان يتباكى بألم وحسرة ،حزنا على ابناء الشعب، فقلت لنفسي "اللعنة على هذا الشعب الذي ابكى ساسته" حزنا عليه.
وعليه اوجه خطابي الى هذا الشعب "ايها الشعب كفى، فلقد ابكيت ساستك حزنا ،وقسوت عليهم ،اما كفاكم نزاعا ، الم تشبعوا من سرقة خيرات البلد، الا يكفيكم دماء ساستكم وهي تذهب تفجيرا وتفخيخا، في كل يوم بسبب نزاعاتكم ومصالحكم الشخصية واحزابكم ، الم تكتفوا من بيع الوطن وساسته إلى الدول ، الم تكتفوا من شراء الفلل والسيارات الفارهة في الغرب الكافر، كيف تقابلون الله يوم الحشر وانتم تبكون ساستنا ورموزنا".
وأقول لساستنا "عذرا منكم ساستي ،لن نفعلها ثانية أخطئنا ومنكم السماح ، فدموعكم غالية علينا ،وهي دليل حبكم ،سنعيد لكم ما سرقنا من أموال، ونجتهد في الدراسة لنأتي بشهادات اصلية ، ونبني اسيجة عالية بيننا وبين جيران السوء التي ابتلانا الله بها، ونحول ملكية الفلل والأملاك إلى احبتنا الساسة المضطهدين من هذا الشعب، وسنعتكف في المحراب لعل الله يغفر لنا خطايانا معكم".
وفي الختام اقولها لمن يفهمني ،انا الأم فلا تكن ذئبا ،ولن تأكل أبنائي ،ولا تتوهم وتضن الضحية هي الجلاد ،ويبقى ... للكلام بقية ...
رائع ما كتبتم استاذ تحسين
ردحذفمنذ كنت صغارا تعلمنا ان نبتعد عن الطريق الاعوج خوفا من الذيب ..فكبرنا واتضح لنا ان الذئاب ارضعت الكثيرين فاصبحوا اكثر بطشا منها فلا تتعجب اذا رايت الحكومه الام قد استذئبت علينا ...تحياتى لقلمك وفكرك ..
ردحذف