الأحد، 16 نوفمبر 2014

في يوم الفتاة العالمي ديوانيات يتهمن التقاليد بحرمانهن من حقهن بالحياة وتقرير المصير


Created with Story Maker
العراق/الديوانية/تحسين الزركاني
تخشى الفتاة لبنى الجناحي (18 سنة)، الأعراف والتقاليد التي حرمت الكثيرات من قريناتها من حق الحياة وتقرير المصير في الديوانية، تلك المدينة التي تحكمها العادات العشائرية والقبلية، التي ترسم للفتيات حياتهن رغماً عنهن.

وتقول الجناحي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "أحلام الفتيات وأهدافهن في محافظة الديوانية، مرهونة بالعادات والتقاليد العشائرية والقبلية، التي تعمد الى تهميشها وإبقائها في دائرة العبودية لتبقى رهينة رغبات الأب والأخ وابن العم، لتظل حبيسة البيت وربة له فقط، تتزوج لتنجب وتكون عنصراً مهمشاً في أسرة تحتاج منها العمل والخدمة والتربية فقط".
وتوضح الفتاة الديوانية، أن "الكثير من الفتيات يمتلكن مواهب فذة، لكن الابداع والطموح مرهونان بحدود وقيود قد لا تتعدى لدى الكثيرات منهن حدود الدراسة الجامعية ومن ثم يحل المصير المحتوم والبقاء عنده حين تكون زوجة لأحدهم بحسب الشروط المحددة".
من جهتها تؤكد الإعلامية، أسماء الأوسي، في حديث إلى (المدى برس)، أن "حدود الحرية بالنسبة لفتيات الديوانية محكوم عليها بالإعدام، فحريتها في الدراسة أو العمل أو تحقيق أحلامها وطموحاتها، من خلال أداء بعض الأعمال في الميدان كما تشاهد من خلال التلفاز أو الأجهزة الالكترونية الأخرى، كيف تعيش الفتيات في العالم، لتكتفي بالحسرات، بسبب النظرة الضيقة للمجتمع التي حجمت أفكار بنات المحافظة".
وتضيف الأوسي أن "الفتاة تبقى مجبرة على خيار واحد للخروج من دوامة البيت وتسلط الأب والأم والشقيق، وهو الزواج فقط، لأنها ترى فيه مخلصاً يمنحها بحبوحة من الحرية، لتكون قادرة على السفر مع زوجها للسياحة مثلاُ".
وتحذر الإعلامية، من أن "محدودية الخيارات أمام الفتاة وضيق المساحة المسموح لها بالوقوف عندها، يدعوها إلى ممارسة الكثير من ردود الفعل السلبية، كاللجوء إلى الانتحار، الأمر الذي سجل ارتفاعاً ملحوظاً خلال المدة الماضية بين صفوف الفتيات، بسبب النظرة الدونية لمجتمع متخلف حكم على الفتاة بالسجن مدى الحياة من بيت الأب إلى الزوج والمسؤوليات بينهما والسعي لإرضائهما، لتجد في الموت خلاصها للأسف".
إلى ذلك ترى مشاور المحافظ لشؤون المرأة، إيمان المرعبي، في حديث إلى (المدى برس)، أن "الظروف الاقتصادية والمعيشية المتردية لبعض الأسر، دعتها إلى تزويج الفتيات في سن مبكرة، للخلاص من المسؤوليات المالية التي يجب على الوالدين توفيرها لهن"، وتبيّن أن ذلك "الزواج الذي أسس أسرة متهالكة مقدماً يؤدي إلى الفشل والانهيار لتولد مشاكل اجتماعية جديدة خاصة إن تمخض عن أبناء".
وتتابع المرعبي، أن "إحصائية حديثة لوزارة التخطيط العراقية، أظهرت أن 73,2%، من الفتيات لم يكملن ما يطمحن له في الوصول إلى مستويات علمية متقدمة، بسبب التقاليد والأعراف والمشاكل الاقتصادية والأمنية، التي تجبرهن على ترك دراستهن في مراحل مبكرة، لتجعل منهن عالة داخل أسرهن".
على صعيد متصل تقول عضوة لجنة التربية في مجلس محافظة الديوانية، بلسم العوادي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "فتيات المحافظة يعشن في مجتمع مغلق فرض عليهن ظروفا قاسية، وحرمهن من مجرد التفكير بأحلام شأنهن في ذلك شأن الفتيان، لتقتل كل الطاقات والمواهب الكامنة في داخلهن"، وتضيف أن "الحكومة المحلية في الديوانية تعمل على ايجاد برامج خاصة لتلك الفئات، لكنها للأسف أيضاً خاضعة للأعراف والعادات والتقاليد".
وتذكر العوادي، أن "الحكومة الاتحادية تعمدت التقصير في مساعدة الحكومات المحلية لدعم تلك الشريحة المهمة، بعد أن تغاضت عن دعم المتفوقات والمتميزات من الفتيات اللائي حصلن على نتائج مشرفة في الامتحانات ونلن أعلى الدرجات، الامر الذي سبب الاحباط لدى كثيرات منهن"، مطالبة بضرورة "العمل على أن منح الفتيات الحقوق كلها باعتبارهن لبنة المستقبل الأساس".
بالمقابل يقول مدير مكتب حقوق الإنسان في الديوانية، أحمد العطار، في حديث إلى (المدى برس)، إن "الفتاة خاصة في المجتمعات العشائرية والقبلية، تعاني مشاكل خطيرة للغاية، ويجب أن يكون هناك دور حقيقي لمنظمات المجتمع المدني ووزارة حقوق الإنسان والجهات الساندة، لنشر الوعي الثقافي وحقوق المرأة منذ المراحل الأولى في المناهج الدراسية، وإيجاد برامج حقيقية لمحو الأمية، والخلاص من العادات والتقاليد التي تجبر المرأة على الزواج بسن مبكرة، أو بطريقة الفصلية، أو المقايضة لحل المشاكل العشائرية، النهوة، التي تجعل منها مملوكة تشعر بالعبودية وفقدان الحق في الاختيار وتقرير المصير".
ويرى العطار، أن على "المجتمع المدني تركيز برامجه على المناطق الريفية والنائية، والابتعاد عن مراكز المدن في تنفيذ برامج نشر الوعي بحقوق المرأة، إضافة إلى ضرورة إيجاد منظومة قوانين من قبل مجلس القضاء الأعلى، وتطبيقها بشكل مباشر للحد من ظواهر تكبيل المرأة والتطاول على حقوقها المدنية التي أكد عليها الإسلام وباقي الديانات ليستبدلها البعض بالأعراف والتقاليد البالية".
وكانت الأمم المتحدة، أعلنت، في (الـ17 من تشرين الثاني 2011)، في قرارها (A/RES/66/170)، الذي عيّن يوم (الـ11 من تشرين الأول) من كل عام بوصفه اليوم الدولي للفتاة، وقد اختِير منع الزواج المبكر ليكون موضوع اليوم الدولي الأول للفتاة.
وتزيد نسبة اللاتي يُزوّجن من الفتيات دون سن 18 عاماً في البلدان النامية على 30٪، يزوج منهن نحو 15٪ دون سن 15 عاماً، ليشكل بذلك عاملاً خطراً سببه الحمل المبكر وتخليف آثار سلبية على حصائل الصحة الإنجابية، إضافة الى دوره في تدني مستوى التعليم وأمد الفقر.
وارتفعت بحسب مراقبين، في الآونة الاخيرة نسبة الطلاق المبكر للمتزوجين حديثا بأعمار صغيرة من القاصرين، بعد أن شهد المجتمع العراقي انتشاراً واسعاً لهذه الظاهرة، على اثر تزايد الاقبال على الزواج المبكر، بعد شيوع ظواهر جديدة بالواقع الاجتماعي شجعت المراهقين على خوض التجربة، بالرغم من عدم بلوغهم مرحلة النضوج الفكري والجسدي والمادي، أو الوصول الى المستوى الذي يؤهلهم لبناء اساس صحيح وقوي لأسرة ذات كيان متزن ناجح.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق