علاقة غريبة جمعت بين هدير ذات السبعة عشر ربيعا بعد تعرضها لحادث حريق أتى على غالبية جسدها ووجهها الجميل ، وكوثر عظيم ممرضتها التي أصبحت فيما بعد ثالث أخواتها وأعز صديقاتها وأمجد حامد الذي صار ثاني أخوتها بعد أن عانت في إحدى مستشفيات المحافظات لأكثر من شهر دون أن يتحسن حالها لينقلها والدها بعد أن تبنت نقابة الصحفيين العراقيين بالتنسيق مع وزارة الصحة علاجها في مستشفى الحروق التخصصي إحدى مستشفيات مدينة الطب ببغداد. تقول هدير كان اليوم الأول لي في مستشفى الحروق التخصصي مخيفا ومرعبا بعدما أنزلوني من سيارة الإسعاف ، لكن سرعان ما تحول الخوف إلى سكينة وأمان حين أحسست العطف والحنان من الدكتور إسلام حميد والممرضين والممرضات خاصة كوثر وأمجد وعيناهما تلاحقاني بمودة ومحبة شعرت وقتها بمعرفتي لهما منذ زمن بعيد ، توليا تضميدي بشكل يومي وكانا قريبان مني على مدار الساعة ، كنت برغم الخوف والألم أشعر بالراحة لأني بين يدي أخويّ كوثر وأمجد بأشراف الطبيبين علي وإسلام حتى صرت اترقب لحظة فتح باب غرفتي لأرى أحدهم أو أسمع صوته لأتدلل عليه وتعدى الأمر ذلك إلى أن وصل تعلقي بهما رؤيتهما حتى في أحلامي وسماع صوتيهما في صحوتي هذا لأني لمست فيهم المحبة والإنسانية ونقاوة القلوب ، لتصبح كوثر ثالثة أخواتي وأمجد ثاني أخوتي الأولاد وباقي العاملين أسرة عرفتها وعشت معها منذ ولادتي .
|
إضافة تسمية توضيحية |
كوثر عظيم البالغة من العمر 28 عاما تعمل في مستشفى الحروق التخصصي منذ تسعة أشهر تقول أحببت هذه المهنة لما تحمل من إنسانية تجعلني أشعر كملاك يحلق فوق رؤوس المصابن ساعية لخدمتهم والتخفيف عنهم ونحن جميعا في هذا المشفى نتعامل مع المصابين كأننا اسرتهم لان المريض يحتاج للاستقرار النفسي خاصة لمن تعرض للإصابة بالحروق ولكن مع هدير كان الوضع مختلفا بعض الشيء فبعد وصولها إلى المستشفى رمقتني بنظرة أحسست فيها كمن يستنجد بي فطلبت أن أكون المتابعة لتضميدها وتوطدت علاقتي بها خلال تلك الفترة حتى صرت آتي لرؤيتها والاطمئنان عليها حتى في أيام استراحتي . أمجد حامد البالغ من العمر 28 عاما باشر العمل في مستشفى الحروق التخصصي منذ ثمانية أشهر يقيم في المستشفى أكثر من بيته لعشقه العمل الذي كسب له الكثير من الاصدقاء ليس العاملين معه حسب بل المصابين الذين استكملوا العلاج وخرجوا سالمين ليمارسوا حياتهم بصورة طبيعية ، يقول أن ما لفته للمصابة هدير تشبثها بالحياة رغم خطورة حالتها الصحية فهي عانت من إصابات الدرجة الثالثة التي تعد من أخطر درجات الحروق إضافة لاستنجادها بالعاملين في المشفى منذ لحظة وصولها وأتذكر نظراتها التي اتجهت نحوي بتركيز وهي تتوسل لأخفف عنها بعضا من آلامها شعرت لحظتها أن أختي الصغيرة المدللة هي من كان يناجيني وقررت أن اتكفل ضمادها اليومي كانت رغم الوجع تسكت إن كنت وكوثر قريبان منها . المعاون الإداري عماد كاظم يقول أن مستشفى الحروق التخصصي في مدينة الطب تأسس في السادس من حزيران عام 2010 ويعمل فيه 75 ممرضا من الماهرين يعمل قسما منهم بنظام الخفارة كون المصابين بالحروق يحتاجون لرعاية خاصة بإشراف مباشر من قبل الأطباء الاختصاص والبالغ عددهم خمسة أطباء ، ويرى كاظم أن عدد الكادر المتقدم من أطباء الجراحة التجميلية النادر في العراق غير كاف قياسا وعدد المصابين الذين يأتون لمشفانا من بغداد والمحافظات ، إضافة لنقص الكادر الوسطي والخدمي فالمستشفى تعتمد على النظافة والتعقيم بشكل رئيسي للحفاظ على المصاب من أخطار التلوث، ويبين الإجراءات المتبعة لاستقبال المصابين في المستشفى والتي تعتمد على كتاب الإحالة إضافة إلى تقرير مركز الشرطة والذي تبين فيه أسباب الإصابة لينقل من الطوارئ إلى الردهات الخاصة بالحروق لتبدأ مراحل العلاج . وأضاف مدير إدارة المستشفى أن عدد المصابين الذين وصلوا إلى المستشفى منذ افتتاحه حتى اليوم يبلغ حوالي خمسمائة مصاب خرج معظمهم معافا ليواصل مسيرة حياته بشكل طبيعي ، وختم عماد كاظم حديثه بان مستشفى الحروق التخصصي من المستشفيات النادرة يجب الاهتمام بها وزج كادرها بدورات تخصصية في البلدان المتقدمة بمجال طب الجراحة التجميلية . مدير القسم الفني في مستشفى الحروق التخصصي بمدينة الطب الدكتور علي عامر يقول أن المصابين بالحروق يتعرضون لشدة نفسية حيث يستولي على تفكيره الشفاء من عدمه وهل سيكون لديه عوق أو ستبقى لديه تشوهات وآثار وندوب بعد استكمال مراحل العلاج خاصة النساء والفتيات يكون اهتمامهن بهذا الجانب أكثر من الرجال وهو ما يوجب علينا التعامل مع المصاب برقة وحنان لتخفيف شدة الصدمة عليه وطمأنته بأن النتائج ستكون مرضية له ليكون قادرا على الاستمرار بحياة طبيعية ، ويشير عامر إلى أن الحروق ليست أمراضا مستعصية بل أصبح من الممكن علاجها والذي يرتبط بحجم الإصابة وشدة الضرر بعد تصنيفه من اليوم الأول لوصول لمصاب للمستشفى حيث تصنف الحروق إلى ثلاثة درجات الأولى وهي الحروق البسيطة والدرجة الثانية وهي أكثر خطورة من الأولى والدرجة الثالثة وهي الحروق العميقة التي تتلف أجزاء كبيرة من الخلايا في الجسم ، مبينا أن علاج المصاب بالحروق يعتمد على ثلاثة أجزاء مترابطة لا يمكن الفصل بينها وهي المستشفى المعنية بالتضميد والتنظيف والعلاج ، والمصاب ومدى تعاونه في تنفيذ التعليمات التي يصدرها الاطباء والالتزام بمواقيت العلاج ، وذوي المريض وتفهمهم بأن عزل المريض يصب في مصلحته لحمايته من مخاطر التلوث التي تنتقل من مكان إلى آخر ومن شخص لآخر دون رؤية المسببات فالجراثيم تنقل بالهواء ويحملها الجسم وبما أن المصاب بالحروق يتلف جلده الذي يقي الجسم من التلوث ويصبح عرضة سهلة للإصابة ، وأضاف مدير القسم الفني أن مشكلة الوعي الصحي الذي نعاني منه يتحملها المواطن والمسؤول والإعلام فالعديد من القنوات الفضائية مهتمة بالرياضة والفن والأخبار لكن لم نشاهد أيا منها تهتم بنشر الوعي الصحي لدى المواطن الذي يجهل الكثير من الأمور الواجب عليه الالمام بها فعلينا اليوم أن نعمل سوية في نشر المفاهيم الصحية والبيئية والسلوك وإعداد مجتمع مسلح بثقافة عامة تمكنه من بناء المجتمع المتمدن فليس استيراد الاجهزة والمعدات بملايين الدولارات مهمة بقدر أهمية نشر الوعي الثقافي . عمر عبد القادر أحد منتسبي القوى الساندة وحماية المنشآت منذ ثمان سنوات على الملاك الدائم إلا إنه لم يزل يسكن منزلا مؤجرا يناشد من خلال وكالة فنار المسؤولين النظر لهذه الشريحة الواسعة لتشمل بقطع الاراضي أو مشاريع الأسكان ، وعمر وزملائه في المستشفى لم يكتفوا القيام بمهامهم وواجباتهم العسكرية في حماية أمنها وأمن المصابين والسهر على سلامتهم بل ذهبوا لتوزيع الطعام تارة وأخرى تضميد المصابين . // نهاية. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق