الجمعة، 17 يونيو 2011

نساء العراق أكثر استعدادا للانتحار من رجاله



تم نشر في Jun 17, 2011 | تعليق

رجل دين : الابتعاد عن الله والعقيدة ينمي في النفوس ظاهرة الانتحار

باحث الاجتماعي : الضغوط النفسية والبيئة وراء ارتفاع معدلات الانتحار في صفوف الشباب


فنار/القادسية/تحسين الزركاني

ظاهرة تنامت في مجتمعنا مؤخرا نتيجة انعكاسات الظروف التي عاشها العراقيون بسبب الاوضاع التي فرضت عليهم من خلال السياسات المتتابعة في السنوات الماضية التي أدت لزيادة ظاهرة الانتحار لديهم وولدت استعدادا عاليا لديهم للجوء إليها هربا من معاناتهم رغم علمهم إنها جريمة قتل وإيذاء للنفس ,وتشير مصادر طبية إلى زيادة ملحوظة في أعداد المنتحرين خاصة في صفوف النساء .

ولرجل الدين والباحث الاجتماعي والسياسي ومنظمات المجتمع المدني أثر بالغ في الاهمية وعليهم واجب شرعي وأخلاقي ومهني في نشر الوعي الثقافي للتعريف بتبعات ما بعد الانتحار وما سيصيب المجتمع جراءه .

أسباب الانتحار ودوافعه بعضها لا يستحق التفكير

لم يعرف سليم 36 عاما ماذا يفعل بعد تلقيه مكالمة هاتفية من أخيه اخبره فيها بنقل زوجته إلى المستشفى بعد أن تناولت كمية كبيرة من العقاقير والأدوية.

يقول سليم وصلت المستشفى فوجدت اهلي وأهل زوجتي يتبادلون الاتهامات فسألتهم عن رابحة !!! أشاروا لي بمكانها !!! حين دنوت منها سألتها لماذا فعلت ذلك ؟ أجابت لأنك لا تحبني !!! يبين سليم أن الليلة التي سبقت يوم الحادث حصل شجار بينه وبين زوجته بسبب (علبة لحم) ترغب لوحامها فهي حامل في شهرها الثالث ، نسيت أن أشتريها لها في زحمة العمل وبعد عودتي من غيرتها انفجر الوضع واتهمتني بعدم حبها وهددت بالانتحار، لم أصدق انها ستنفذ ذلك التهديد ، وفي ذات اليوم اخبرني الطبيب بسقوط الجنين وبعد ثلاثة أيام فارقت زوجتي الحياة .جنين وزوجة وثلاثة أيتام تلك النتيجة ؟

كمال 29 عاما يقول تركت كل شيء طبيعي في بيت أهلي حيث أعيش معهم أنا وزوجتي وأبنتي وخرجت للعمل ، وبعد عودتي  في المساء احسست الوضع متشنجا في البيت فسألت عن السبب لكن أحدا لم يجبني ، فذهبت لغرفتي لأجد زوجتي تبكي بسبب ضرب أخي لها واتهامها بسرقة أمواله !!! فأخبرتني أنها وجدت خمسة آلاف دينار وهي تنظف فوضعتها فوق ثلاجة المنزل ولكن أخي ضربها ، وطلبت مني الأخذ بثأرها فأجبت هل تريديني أن أخسر أهلي ؟ وحاولت تهدئتها .
في الصباح خرجت كالمعتاد إلى العمل فاتصل بي أبي قرابة العاشرة والنصف ليخبرني إن زوجتي انتحرت ومسكت أحد اسلاك الكهرباء وهي في المستشفى ، حين وصلت سألتها لماذا فعلت هذا بنفسك ؟ فقالت لأتخلص من معاناتي وأذهب لرحمة الله !!! وماتت بين يدي .ذهبت لرحمة رب العالمين؟؟؟

أما أحمد 24 عاما أحب جارته طيبة الطالبة الجامعية ، تقدم لخطبتها أكثر من مرة لكن أهلها كانوا مصرين على الرفض !!! والسبب إنها من غير قوميته؟ ذات يوم خرج أهلها في زيارة للأقارب دون اصطحابها فأضرمت النار بنفسها حتى سمع الجيران صراخها وهبوا لنجدتها ونقلوها للمستشفى قبل وصول اهلها ، وفي المستشفى تعاتب الحبيبان وسط بكاء الحاضرين الذين أحسوا بفداحة الجريمة التي ارتكبوها وسمح الأهل لأحمد أن يبقى مرافقا معها ، يقول أحمد بقيت معها سبعة أيام وعد فيها أهل طيبة بتزويجنا لو كتب الله لها عمرا ، عاهدتها على قتل نفسي إن ماتت ، وتأزمت حالتها بسبب الحروق التي بلغت نسبتها أكثر من 90% لتموت بسبب حرمانها ممن تحب ليشيع جثمانها إلى بيت أهلي ومنه إلى مثواها الأخير . هل سينفذ أحمد وعده ؟

ومن هو المسؤول وماذا يردع الإنسان عن إلحاق الأذى بنفسه التي حرم الله قتلها إلا بالحق وما هي مبررات الانتحار؟

تقول الباحثة الاجتماعية ضحى الحسيني : أن ظاهرة الانتحار مرفوضة في ديننا وعرفنا الاجتماعي ولا تمت لأخلاقنا بصلة وما نأسف له أن يصل استعداد الشباب في العراق للانتحار ، رغم إنها دارجة ومعتادة في المجتمعات الغربية وأرى في انتقالها إلينا بسبب ما يبث من برامج على الفضائيات يتابعها شبابنا بكثرة هذه الأيام ، وتقول الحسيني أن اليوم اصبح علينا واجب القلق بعد أن وصلنا إلى هذا الحد من استعداد الشباب على الانتحار لما بعده من تبعات والوقوف على حقيقة المسببات التي تقود النفس البشرية الخالية من الايمان بالله وارتكابها لفعل حرمه سبحانه وهذا الاستعداد المتنامي لدى شريحة واسعة من الشباب ،وهو ناتج عن تراكمات ولا يمكن أن يكون وليد لحظته جراء مشكلة أو حدث آني ، حيث يأتي الاستعداد للانتحار من جراء الضغوط النفسية الناتجة عن العوز المادي إذ نرى العديد من الرجال والنساء يعيشون في فقر وغير قادرين على تلبية متطلبات الحياة .
وبينت الحسيني أن حالة الانتحار الاولى لم تكن بسبب علبة اللحم كما ادعى بل هناك أسباب تراكمت خلال سنوات كما أن التصور الخاطئ لدى المجتمع في ضعف المرأة نتج عنه اضطهاد لها لتكون موضعا للضغط المتواصل إضافة إلى الرقة والاحساس المرهف الذي يميز المرأة عن الرجل كل هذا مع الكبت والحصار المفروض على المرأة قد يبرر لها إقدامها على الانتحار أو إيذاء النفس . وتشير إلى أن الاسلام الذي حرم وأد البنات ومنح للمرأة الكثير من الحريات واستشهد بالعديد من النساء على لسان النبي والعترة الطاهرة ، وعلى الساسة اليوم النظر إلى مواطنيهم بتمعن لرؤية التبعات التي نتجت بسبب الوضع السياسي والأمني والاقتصادي أين أخذهم وعليهم إيجاد السبل التي تكفل الحياة الكريمة للمواطن كي لا يقدم على معصية الله ويقتل نفسه التي حرم الله إلا بالحق.

رجل الدين الشيخ علي المسعودي يبين الرأي الشرعي لمن يحاول الانتحار ويقول : أن الاحصائيات التي سمعنا بها لمن انتحر أو حاول الانتحار في مجتمعنا مرعبة وتوجب الوقوف عند اسبابها والتمعن فيها ،والغالب في الانتحار كان بالمجتمعات غير المسلمة لعدة أسباب منها عدم إيمانهم باليوم الآخر وبالتالي يسود لديهم الاقتناع بعدم ارتكابهم لجريمة قتل النفس التي تكون عقوبتها عند الله الخلود في النار ، والامر الثاني هو الفراغ العقائدي الذي يولد لدى الانسان الإشباع الدنيوي لينتج عنه الاستعداد للإقدام على الانتحار في حالة اليأس أو الاحباط حيث يكون مقتنعا بأن الموت نهاية الطريق كونه لا يؤمن بوجود حياة أخرى بعد حياته في الدنيا . لذلك لا نستغرب اعداد المنتحرين في خارج المجتمع الاسلامي ،ووصول مجتمعنا لهذا الاستعداد يمكن أن نوعز هذا للسبب الثاني فالظاهر أن الفراغ العقائدي وعدم الايمان قد سرى لمجتمعنا ،فالعقيدة الراسخة والايمان الثابت تجعل من الانسان موقنا بوجود حياة أخرى يجزى فيها المحسن عن احسانه ويعاقب المسيء على قدر إساءته وما الدنيا إلا امتحان ، فمن يقتل نفسا بغير حق فله في النار خلود كما بين لنا الله سبحانه وقلة الايمان باليوم الآخر تجعل في النفس البشرية ذلك الاستعداد فمجرد أن يتعرض الانسان لفقر أو بلاء أو مصيبة تراه مستعدا لقتل نفسه التي حرم الله ، وما ذكر هنا له مسبباته أيضا أرى أولها يكمن في غياب الوعي الفكري والعقائدي والثقافي والأخلاقي ، وهنا توجد معادلة تقابل ذلك الغياب تجد قوة تنبع من مؤثرات الاتجاه المعاكس بما تبث الفضائيات والمواقع الالكترونية من برامج وأفلام ومسلسلات تنقل افكارا منحرفة ومشوهة التي تهون على المتلقي مسألة قتل النفس حين يشاهد في مسلسل أو فيلم ثلاثة أو أربعة ينتحرون تراه يستسهل الأمر ويولد لديه ذلك الاحساس  والقوة باتجاه الانحراف ، وضياع مفهوم الحياة لدى الناس يجب أن يجابه بحملة قوية الغاية منها نشر الوعي العقائدي والديني والثقافي والاخلاقي الذي اسلفناه ذكرا ، واليوم في ظل هذا يجب أن يكون للموجه والمرشد أو المبلغ دورا فاعلا فبعض الناس يولد مفتوح البصيرة ويكون توجيهه من داخل نفسه بضميره وفكره أما البعض الآخر قد يخفق في هذا وهو الذي يكون بحاجة ماسة لدور المرشد والمبلغ أو الموجه ، وهنا يجب أن يكون العمل تكافليا ابتداء من البيت وولي الامر وهو المهم والمؤسسة التربوية بعدها يأتي دور علماء الدين والخطباء والمبلغين وهو أهم الادوار حيث يجب أن يكون فاعلا مؤثرا لا أن يحسب التواجد فقط ، وهنا الوجوب يأتي على الخطيب أو رجل الدين والمبلغ أن ينقل التربية العقائدية بصفة المعالج ليشعر إنه من ضمن الناس بحاجة للانتقال من حال لآخر ليكون عطاؤه أكثر فاعلية ، لا أن يكتفي بالسرد وكأنه معلم لمادة الوطنية أوالتربية الاسلامية ليسهم في ترك الأثر لدى المستمع ،وهنا تكون العملية مشتركة بين المكلف الذي يسعى دائما لعلاج جسده أن مرض عليه السعي لتطبيب روحه من خلال البحث والسؤال والمتابعة ، واليوم نرى الابواب كثيرة وكلها مشرعة، ورجل الدين الذي لا يمكن له طرق جميع ابواب المكلفين حيث لا يملك منبرا متحركا يمكنه من وصول المدارس والجامعات والمؤسسات والشوارع ليلقي خطبه التي تسهم في الحفاظ على الفكر العقائدي وتنوير المكلف بمسائل زمانه وما له وعليه ، اذا فالعمل مشترك بين العالم والمكلف والتواصل مهم وضروري بينهما ويضيف المسعودي أسبابا أخرى كالعدالة الاجتماعية وعدم التمييز بين شخص وآخر فضلا عن الوضع الاقتصادي ونقص الخدمات وهي ما هاجر الانسان لأجلها في الازمنة الغابرة ، وهو ما على الحكومة الالتفات اليه واليوم نحن قادرين على علاج بعض الاسباب بإعادة الناس لواقعها الديني ، خاصة وأن المجتمع العراقي مبني على قواعد وأسس دينية رصينة فان آمن الناس بأن البلاء والرخاء من الله سيكون العبد قانعا صابرا عليها آملا بالأجر والمثوبة في الحياة الآخرة التي يومها كألف سنة مما تعدون . كما أن على المؤسسة التربوية والجامعية منح الطلبة الوعي قبل الشهادة ، وعلينا أن لا ننظر للمرأة على أنها العنصر الضعيف المملوك ، بل هي شريك لها من الحقوق التي شرعها الله الكثير ، لماذا تظلم المرأة في مجتمع اسلامي كفل لها حق العيش بكرامة اذ قال عز وجل (أن أكرمكم عند الله اتقاكم) وفي أغلب الآيات القرآنية جاء ذكر (يا أيها الذين آمنوا) فالله سبحانه لم يميز الرجل على المرأة في الحقوق والواجبات إلا في بعض الاستثناءات ، واليوم علينا أن نحاول إعطاء المرأة حقها في الحياة تعامل على أساس عطائها فهي الأم والأخت والزوجة والأبنة ، ولا يوجد قانون وضعي وشرعي يتيح لنا ظلم النساء في بيوتنا .

ويصف المسعودي حوادث الانتحار التي قام بها بعض الرجال بالطامة الكبرى فالقوة التي منحها الله للرجل بعكس الرقة والحنية التي تحملها المرأة كي يقاوم الرجل ويصبر على محن الدنيا وبلائها لكن أن يهرب بقتل نفسه فهذا أمر عظيم ، فللرجل حرية البحث عن تعاليم دينه والتواصل مع رجال الدين ومتابعة البرامج التي تمكنه من معايشة سيرة العظماء والأولياء والعباد الصالحين ليتمسك بهذا الدين الذي أكد لنا الخلود بحياة الآخرة وترك لنا الخيار في العيش إما برحمة الله ونعيم الجنان أو سخط الله والخلود في النيران .وعلينا اليوم ان ننتبه لمحاسن ديننا الذي تميزنا به عن باقي الاديان السماوية الذي أراد لنا كرامة الدنيا ونعيم الآخرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق