المتقاعدون بين حرارة الشمس والخوف من الاستهداف في منافذ توزيع الرواتب
فنار/القادسية/تحسين الزركاني
بعد أن أفنوا عمرهم ووهبوا زهرة شبابهم لخدمة البلاد فمنهم العسكري والمعلم والموظف أملا في الراحة بعد تقاعدهم ، أما المشمولون بشبكة الرعاية الاجتماعية فقد كان حلمهم أن الله عوض صبرهم خيرا بعد شمولهم برواتب الشبكة التي لا تكفيهم مصرف أسبوع واحد . يقفون اليوم على عتبات منافذ توزيع رواتب المتقاعدين بخوف من الاستهداف الارهابي الذي يزهق أرواحهم وذلة مدراء المنافذ .
فلم يُخفِ الحاج حسين عطيه (63) عاما خوفه وهو جالس تحت ضلال مسكن مقابل لأحد منافذ توزيع رواتب المتقاعدين والمشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية من أن يتم استهداف المتقاعدين من قبل المتربصين بأبناء الديوانية شرا ، وقال الحاج حسين أنني ومنذ يومين جئت إلى منفذ التوزيع من الساعة السابعة صباحا حتى الساعة الثالثة عصرا دون أن أتمكن من صرف منحة الرعاية الاجتماعية التي لا تستحق حتى أن تذكر والتي لا تكفي مصرف أسبوع واحد لقلتها والمصيبة إني اتسلمها كل ثلاثة أشهر وأن رجل مثلي كبير في العمر لا طاقة لي على العمل ، وبين الحاج حسين أن مجموع راتبه خمسين ألف دينار يضاف لها ثلاثين ألف دينار لتصبح ثمانين ألفا تجمع لثلاثة أشهر لتصبح (240) ألف دينار فهل يمكن لأحد أن يعيش بهذا المبلغ ثلاثة أشهر ، والمصيبة الأكبر إننا نتسلمها من منفذ توزيع رواتب المتقاعدين وشبكة الحماية المنتشرة في المدينة والتي نعاني الذل منها بسبب الازدحام .
أبو جاسم (70) عاما متقاعد آخر يملؤه الغضب أبتدأ بجملة (والله أيست أيست وما من رحمة الله أياس) ويقول تسع ساعات مرت على وجودي أمام منفذ التوزيع عصرت فيها أكثر من عشرين مرة بسبب الازدحام والتدافع من قبل الموجودين والذين يسعون لتسلم رواتبهم التي لا تستحق أن تذكر حتى نذل من أجلها هكذا كل ثلاثة أشهر فهل هكذا يكرم ويكافأ العراقي ؟.
أبو خليل 53 عاما مشمول براتب شبكة الرعاية الاجتماعية يقول على الحكومة إرجاعنا إلى المصارف فالمكاتب تتلاعب بنا في كل مرة نأتي لاستلام الراتب القليل ، فمنذ الرابعة والنصف فجرا والآن أصبحت الساعة الثانية والنصف وأنا أسعى لأحصل على الدور دون فائدة وهو ما سيؤجلني ليوم الغد ليكون ثالث أيام تواجدي على عتبة المنفذ ، وحين ترى الناس هنا في ساعات الصباح وعددهم تخاف أن تبقى فلا نعرف من يمكن أن يستهدفنا بسيارة مفخخة أو حزام ناسف .
ابو جميل (75) عاما متقاعد معاق بساق واحدة يقول في كل مرة نأتي لاستلام الراتب نذل في التوسل الذي يصل لتقبيل أقدام مدير المنفذ الذي لا يقدر حالنا ففينا المعاق والشيخ الكبير والمرأة العجوز وعلى الحكومة متابعة أصحاب هذه المكاتب خاصة في أيام توزيع الراتب ونطالبها بإعادتنا للمصارف حيث نمتلك البطاقات الذكية ، وهناك مشكلة أخرى فصاحب المكتب يستقطع من كل واحد منا مبلغ أربعة آلاف دينار دون وجه حق ، ناهيك عن نظرة عيون الحاضرين التي تترقب الباب عند سماع أي صوت قوي فنحن عرضة للموت هنا على يد التكفيريين والارهابيين دون أن يفكر أحد بحمايتنا .
أم محمد 32 عاما تقول نحن ايتام ماتت أمنا التي كانت تعيلنا براتب ابي الشهيد وبعد وفاتها استقطعت الحكومة عنا التقاعد بادعاء أنه شهيد في الحرب مع أيران وهو غير مشمول بالتقاعد وشهداء الانتفاضة الشعبانية هم المشمولون فقط فلماذا ؟؟؟ ألم يدافع شهداء حرب أيران عن أرض وطنهم هذا ما أريد معرفة جوابه لا أكثر ؟.
فيما يقول الحاج أبو هادي (67) عاما أن تعديل قانون تقاعد الخدمة العسكرية الذي تم تعديله في العام الماضي والذي ينص على شمول من هم برتبة نائب ضابط بنسبة 80% من راتبه لكن لحد الآن لم يتم العمل بموجبه إذا لماذا تم التشريع أصلا والتعديل وها نحن اليوم نقف كل ثلاثة أشهر كالمتسولين على أبواب مكاتب توزيع الرواتب التقاعدية دون تقدير واحترام مغامرين بأرواحنا التي باتت عرضة للنيل من الارهابيين بعد أن تمكنوا من استهداف منزل المحافظ فهل يصعب عليهم الوصول لنا نحن من يسير دون حماية ؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق