تحسين الزركاني
ونحن نوشك على وداع ايام الخير والرحمة والعطاء أيام شهر الشهور رمضان الفضيل على أمل أن يتقبل الله منا صالح الاعمال ويتجاوز عن سيئاتنا وغفلتنا بواسع رحمته ومغفرته .
لقد مضت أيامه سريعة برغم المنغصات في ارتفاع درجات الحرارة وزيادة ساعات قطع التيار الكهربائي وارتفاع اسعار السلع والمواد الغذائية وقطع الطرق ، لكن الله سبحانه ذلل كل تلك المعاناة اليومية التي مر بها الصائمين وعوائلهم وأعانهم في الصبر .
وعلينا اليوم أن نجتهد ونستعد لاستقبال ضيف ثقيل وغليظ جدا نهى الله عنه يتجسد بهيئة مخيفة ترعب أحباب الله من الفقراء وهو غلاء الاسعارفي كل شيء ، فملابس الاطفال والحقائب وحتى الاحذية شهدت اسعارها ارتفاعا اوقف كثير من الناس عن التفكير في شرائها ليزرعوا البسمة والفرحة على وجوه أبنائهم .
ولا نعرف حتى اليوم حقيقة أسباب الغلاء والتلاعب بالأسعار ومن يقف ورائها ومن يتحمل مسؤولية رقابة الاسواق ، فأصحاب المحلات يرمون الكرة في ملعب التجار ، والتجار يدعوّن أن المنشأ رفع السعر ،والمحللون يحملون المواطن السبب لكثرة الطلب ، والمواطن يحمل الحكومة المسؤولية بتجاهلها لرقابة السوق ومحاسبة المتلاعبين ، وبين هذا وذاك تملأ الحسرة عيون أطفال الفقراء ، بعد أن عانوا في الشهر الفضيل من الجوع لتجاهل الميسورين ورجال الدين والمسؤولين حاجاتهم .
وقفت حائرا قبل أيام أمام موقف صادفني في السوق إذ شاهدت عجوزا تجر بطفل يمتنع عن السير ويبكي لعدم شراء العجوز كرة له ، فركض (صاحب البسطية) خلف الطفل وأعطاه الكرة بالمجان ، رفضت العجوز في بادئ الامر السماح للطفل بأخذ الكرة لكن الحاح الرجل اجبرها على ذلك ، فهمت مما دار بينهما من حديث ان الطفل حفيدها اليتيم مات أبوه خلال مراجعاته لطلب التعيين في بغداد أيام الذبح على الهوية ، وله ثلاثة أخوات بنات وهذه العجوز هي كافلة عيشهم مع أمهم وتدبر أمر معيشتهم من بيع المكانس التي تصنعها الأم.
كم مكنسة تصنع وكم تبيع وكم سعرها وكيف تعيش امرأتان مع اربعة أطفال منها وماذا يأكلون ويشربون وماذا يلبسون ؟.
هي أسئلة دارت في مخيلتي !.
وفكرت بهؤلاء البسطاء والفقراء من يتلاعب بالأسعار .
وفي الختام اقول لمن يمشون بظل الحمايات ويركبون السيارات المضللة أن يحاولوا رؤية الناس من خلف الضلال فهم اليوم مسؤولين عن العيال ، فالفقر أزال الحكام وأذاقهم الزؤام مع رياح التغيير أصبح كل شيء وارد . وللكلام بقية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق