الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012

للكلام بقية ... دخان البنادق



تحسين الزركاني

قد يتذكر ابناء جيل الستينيات والسبعينيات ،مسلسل اذاعي تحول الى مسلسل تلفزيوني، ومن ثم الى سلسلة افلام اطلق عليها دخان البنادق "GUNSMOKE"، بطولة "بول كيلي وسوزان كابوت"، ويروي قصة راعي بقر يعمل على تطبيق القانون والعدل، والقضاء على المجرمين من اللصوص والقتلة.
وكانت أحداث الفيلم شبيهة إلى حد ما بواقعنا اليوم، وما تمرّ به بلاد العجائب والغرائب، التي انتجت ابطالا يعشقون الظهور على الشاشات، كـ"بول كيلي"
وهم يتظاهرون بالعمل من اجل القانون والعدالة وتحقيقها، فيما يعملون على خلاف ذلك، بل يقودون العصابات التي تقتل وتسلب وتستبيح الحرمات، دون تميز في جميع الاوقات.
فأبطال كثيرون أمام أنفسهم ليس إلا، باتو يستعرضون عضلاتهم في جميع الميادين، بمناسبة او دونها، وقد بدأ المشهد منذ الآن يتصاعد، بين استهداف الناس بعضها لبعض، والكل مستهدف (على يامال ماتدري)، ففي كل يوم يستعرض سياسي مرة، وأخرى صحافي، وأخرى ناشط وموظف، طبيب وصيدلي، مبرمج وتقني وووووو القائمة تطول.
والغريب في الامر ان الكل يستهدف الكل، لتشعر كأنك واقف وسط معركة، ارتفع فيها صوت البنادق ،وعلا دخانها، بين الخارجين على القانون، والمدافعين عنه، لكن من يقف مع، ومن ضد، اختلط الامر علينا، (كما الحابل بالنابل)، فكلنا يدعي إنه حامي الحمى وفاضح الفساد، ولو كنا نعمل كما نقول أو نسوق، لخلي البلد من الفساد، وعمّ الرفاه على العباد، وركبنا الجياد، لنحرر الناس، فنحن أحرار ديمقراطيين، لا يوجد بيننا دكتاتوريين !.
كم اتمنى ان نكون بنصف المثالية التي ندعيها في كل شيء، وكم اتمنى ان نكون شجعانا فعلا وقولا، في الثبات على مواقفنا، والدفاع عن مبادئنا، وكم اتمنى ان أرى شخصية "بول كيلي" حاضرة في كل منا، لا ان يصل الأمر إلى الطعن والتشهير والتزييف والتحريف، ضد من نتعارض معه في الفكر او المعتقد أو الانتماء او الميول.
وللأسف ان النيل من الناس من أجل التشهير لا غيره، قد اصبحت مستساغة عند البعض، وأرى ان القادم من الأيام سيصعد وتيرة الحسابات الوهمية، وشراء ذمم السفهاء، ليكونوا أبواقا لهذا وذاك ضد هذا وذاك (وراح تصير هوسة بربده)، وهنا يأتي دور الثقاة من البناة، في لم الشتات، لنوضح الامور، وندفع الشرور، لننبذ الغرور، ونبني الوطن، فقد سأمنا دخان البنادق، وأصوات التفجير المعتقة بطعم دماء الأبرياء، التي تعودها عبيد الغرباء، التي تستهدف الشرفاء دون غيرهم، فقد اعلن الاعداء بداية حربهم، ومعها ستبدأ الحكاية، وسيبقى لنا في ...للكلام بقية...   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق