الجمعة، 21 ديسمبر 2012

للكلام بقية ... لا تعطوهم شيئا واسلبوا منهم كل الأشياء


                                                                      تحسين الزركاني

يبدو أن اغلب المصطلحات صارت متشابهة لدى عامة الناس، ومتطابقة مع ما يستخدمه الساسة في إدارة شؤنهم السياسية، التي تحلل فيها استخدام كل ما هو متاح، دون النظر إلى حلّية أو حرمة، بدءً من الكذب إلى النفاق والغش والدجل والطعن، وما إلى ذلك من صفات يقل الحسن فيها.
وحين يتكلم أحدنا أمام أصدقاء له أو خلان تجده ناقما من صفات الساسة، وينظر ويؤلب الناس عليهم، حتى يكاد أن يصدقه الجميع، وما لفت انتباهي تجربة شخصية مررت بها قبل أيام، أبصرت من خلالها كم انا مخدوع ومخادع في ذات الوقت، مخدوع انني تصورت ذات يوم في أن أصدق كل ما يقال بحسن الظن، وأتأثر بالتنظير، من هذا الصديق أو ذاك الرفيق بل ومن هو أقرب من ذلك، ومخادع حين أقنعت الآخرين بصواب ما يقول لي الاخ والصديق دون الحاجة إلى البحث أو التمحيص.

أن تكذب لعتق رقبة أو دفع الظلم عن مسلم، قد يغفرها الرحمن، لكن أن نكذب لنبرر خطأ اقترفناه بأيدينا، ونلقي باللائمة على الشيطان، اعتقد أن هذا الأمر معاب، ان نصور للناس مظلوميتنا ونتهم الاخرين بما فعلناه، من أجل ان نكون في نظر الآخرين اننا الصادقين، وضحايا غدر الناس لنا دون أن نعترف بحقيقة الاسباب، او نمتلك الجرأة في الاعتراف بالذنب، إلى متى يبقى التنظير غير المبرر السمة الغالبة على جميع أعمالنا سواء كنا مع أنفسنا أم مع الاخرين وأمامهم.
الغريب في الامر أن الامثال والرموز والشخصيات كلها باتت تتهاوى تباعا، وكلما ظننت لوهلة أن الدنيا بخير، طفح مثال يؤكد أن لا خير في دنيانا، كم عملت وتمنيت، وقد يتصور البعض أن الكلام فيه بعض من المغالاة، لكن المقربين عاشوا معي ما عودت نفسي عليه، أن أعتذر متى ما أخطأت وكم حاولت جاهدا أن أزرع ما عودت نفسي عليه لدى كثير من الاصدقاء والمقربين، الذين كانوا إلى ما أفعل مؤيدين، مؤكدين أنه عين الصواب، وأسفي أن يكون دعاة الصواب، متنكرين له مخالفين لما كانوا يقولون ويدّعون، لا أريد أن أصل إلى مرحلة الندم على كل شيء، ولا أود أن أستبق الحكم في كل شيء لأطوي صفحة مع مئات الصفحات التي دفنت مع النسيان، وولت ذكرياتها مع رياح الازمان، بحيث أني لم أعد أتذكر وجودها أصلا وكأن ما حدث لم يكن أصلا في يوم، فيامن ادعيت الصداقة ذات يوم عد إلى رشدك وقبله إلى ربك، وراجع ما فعلت وانظر بما أخطأت وبحق من، فما هكذا تورد الأبل وما جزاء الاحسان الا مثله، وقساوتي قد تبدو واضحة، نابعة من قلب جرح بحق دون ذنب لأني صرت كمن قالوا (لاتعطوهم شيئا واسلبوا منهم كل شيء) ...وللكلام بقية...

هناك 6 تعليقات:

  1. ايها الطيب ... ربما الفطرة التي انت فيها وبياض قلبك قد اوقعك بما لايقع فيه الاخرون .. انها ضريبة الطيبة والعفوية ايها العزيز ... لا تبالي .. فالحياة تتقدم وينكشف هؤلاء ..

    ردحذف
    الردود
    1. إلى متى نبقى ندفع ثمن سن الظن اخي ابا مريم
      اسعدني مرورك الكريم

      حذف
  2. الجميل هو انتكتشف ولا تنتظر ان يستبدلون اعمالهم بنصائحك صديقي فهم ليسوا اهلا للنصيحة بل للتشهير بهم وهذا علاجهم رغم انني لا احب التشهير ولكنهم ارادوا لنا ان نفضح اعمالهم

    ردحذف
    الردود
    1. ليس هذا ثوبنا ولا اريد الوصول الى هذا المستوى حتى الان ولكن ان استمرت تلك الاصوات سنكتب عند ذاك بالادلة محبتي لمشاعرك ومرورك العطر اخي العزيز

      حذف
  3. صديقي العزيز .. بعد السلام أما بعد
    لا اعرف كيف ولماذا عندما قرأت المقال ذهب بي الخيال الى استحضار تاريخ هذا البلد، تاريخاً وعلماً حضارةً وثقافة وكل ما كان انسان هذا البلد محور فيه، ما عمل عليه سومر وبابل واكد واشور وميديا وووووو خلال الاف السنين، تحطم وتهشم ودمر خلال مئة سنة دُمر خلالها العلم والحضارة والفن والثقافة والانسان . انظر الى اي مخطوطة او حفرية او لوح اثري ستجد كيف كان انسان هذا البلد وما الا اليه الانسان العراقي في هذا اليوم، تجاربنا اليومية كفيل بالتعرف والتعريف بهذا الانسان الذي جرد من كل ما هو حضاري والانساني (كلامنا نسبي)وكيف ان هذ المجنمع الذي تفاخر به اسلافنا ينتج اليوم كل ما هو سيئ وبعد عن روح الانسانية النبيلة، وما استحضرته في المقال جانب من هذا الذي يجرحنا في الصميم وينتظر من العمل على تغييره .. سلمت يداك

    ردحذف
    الردود
    1. صدقت اخي اسوو فماضينا على امتداد الزمن سجل الكثير مما ذكرت في كتابتك، ولا ارى ان هناك امل في الخلاص من هذا المرض المستعصي.
      شكرا لعبير حروفك اخي آسوو

      حذف