السرحان على ضفاف نهرد الديوانية وعشق مناضلة
الكاتب:TZ
حاوره/تحسين الزركاني
جلست على ضفاف نهر الديوانية ظهيرة يوم أمس الثلاثاء،
أستمع بشغف الى ما حرمت من سماعه منذ سنوات، جراء ما مر به العراق من نزيف دم
يومي، وأزمات سياسية لم تهدأ كما البركان الثائر، لم استمع لصوته المميز فقط بل
كان قلبي يستشعر منه ألم الذكريات وصوت باحث عن قومية سلخت منا، كما يسلخ القربان
المذبوح، دونما ان نشعر بما انسلخنا منه او نهتم، عروبتنا الضائعة وسط ركام
الطائفية والخطابات السياسية، فنسينا ما يجمعنا بأصول كنا قبل سنين نبكي ألما أن
مس أحدهم إياها.
في جلسة مع الكاتب والأديب حسن السرحان، أمتد شغفي لأعرف
عن تلك المرأة التي ابتدأت حكايتها من غير نهاية، لتصل حتى آخر الزمان، بعد ان
تركت أثرا واضحا ودروسا في كيف تقارع نساء العرب الظلم والاحتلال والعدوان، كيف
تمسكت وما الذي دفعها الى الخروج في زمن الفرسان، كما قاتلت كثير من نساء المسلمين
عبر التاريخ، لتبقى خالدة في ذات سيرة المجاهدات.
يصف لي السرحان عما كان يحدثه والده عن هذه المناضلة
الجزائرية "من قد لا يعرف شيئا عن جميلة بو حريد المناضلة الجزائرية، التي
تعد أولى النساء العربيات الاتي خرجن ضد الاحتلال الفرنسي للجزائر، ولدت في حي القصبة
بالجزائر العاصمة عام 1935".
ويضيف "كانت بنتا وحيدة بين سبعة شبان، هذا ما
حدوثنا به لتكمل تعليمها المدرسي، والتحقت
إلى معهد للخياطة والتفصيل، كونها تهوى تصميم الازياء" ويشير إلى "براعتها
في ركوب الخيل، والرقص الكلاسيكي".
ويوضح "حين اندلعت الثورة الجزائرية ضد الاحتلال
الفرنسي، انضمت إلى جبهة التحرير الجزائرية للنضال ضد الاحتلال الفرنسي، وهي في العشرين
من عمرها، لتلتحق بصفوف الفدائيين، كانت أول المتطوعات لزرع القنابل في طريق المستعمرين،
لتكون هدفا ورقما يستهدفه المحتل ويبحث عنها دون غيرها".
ويروي السرحان عن "قصة نضالها ضد الاستعمار، وكيف كان
الطلاب الجزائريون يرددون في طابور الصباح فرنسا أُمنا، لكنها كانت تصرخ وتقول: الجزائر
أُمنا، فأخرجها ناظر المدرسة الفرنسي من طابور الصباح وعاقبها عقاباً شديداً، لكنها
لم تتراجع، بل على العكس ولدت في تلك اللحظات ميولها الى النضال".
ويبين السرحان "انضمت بعد ذلك الى جبهة التحرير الجزائرية
للنضال ضد الاستعمار الفرنسي، ونتيجة طبيعية لموقفها وبطولاتها، أصبحت الأولى على قائمة
المطاردين والمطلوبين للمحتلين، حتى القي القبض عليها بعد اصابتها برصاصة عام 1957".
ويستدرك "بدأ الفرنسيون تعذيبها في المستشفى، تعرضت
للصعق بالكهرباء، ثلاثة أيام، لتجبر على الاعتراف على من معها من الزملاء، لكنها تحملت
أنواع التعذيب، وتهرب من الالم حين تغيب عن الوعي، وعندما تفيق تقول (الجزائر أُمنا)،
لتفشل المعذِّبون في انتزاع الاعتراف منها".
ويروي السرحان الذي بدا انه حفظ تاريخها عن ظهر قلبه
"قررت المحكمة الفرنسية اصدار الحكم عليها بالإعدام صورياً في العام 1957، وحددت
السابع من مارس 1958، موعداً لتنفيذ الحكم، لكن بسالتها وصيتها وصولتها، جعلت
نشطاء العالم يثورون محتجين، ليصدروا ملايين البرقيات المحتجة والمستنكرة لقرار
الحكم الصوري، فأجبرت لجنة حقوق الانسان في الأمم المتحدة على الاجتماع،
ليتم تأجل تنفيذ الحكم، الذي عُدّل إلى السجن مدى الحياة".
ويتابع "بعد تحرير الجزائر، خرجت جميلة بوحيرد من السجن،
وتزوجت محاميها الفرنسي، بعد أن أشهر إسلامه في ذاك الوقت".
ويصف السرحان "ما قرأته وحفظته عن المناضلة جميلة
الجزائرية، قلادة في عنق كل فتاة عربية في زماننا المعاصر، وعرفانا لها نظمت اليها
ابيات شعرية تجسد صورة الفتاة العربية حين تثور من اجل الوطن".
ويختتم السرحان جلستنا "بما انك ذكرتنا بهذه المناضلة
واثرت شجوني، فخذ هذه الابيات هدية الى كل فتاة عربية ترفض الاحتلال شكلا ومضمونا".
في حضور جميلة...
أرنت كمهر..
وملت أذن السماء صهيل..
فتراقصت أمواج دجلة
وانثنى خصر النيل..
رقصت دفاترها في الصف ضاحكة..
وتجمعت أقلامها..
إكليل..
منديلها علم العروبة..
فانظروا ما أجمل المنديل!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق