الخميس، 2 مايو 2013

للكلام بقية ... أحلام أماني

                  تحسين الزركاني



سمعت كثيرا في الصغر أن أحلام وأماني الطفولة، جسر لمرور مرحلة الصبا والشباب، فمنها يرسم المرء طريقه ليبني نفسه ليجابه الدنيا التي يصفها كثير منا بالقاسية.
بالأمس مرت الذكرى الثانية على رحيل أول حبيبة لي، عشقتها حتى الموت حين اصيبت وتعلقت روحي بها، لتغادرني الى غير رجعة كما كنت اظن، وهربا من ذكرى رحيلها الثانية، ذهبت مع اصدقاء في رحلة نسيان، كي استجمع شتات حياتي، التي أضاء بها بصيص شمعة من بعيد، يفصلني عن نوره وأحلام أماني الاف كيلو المترات.
قبل عامين ويوم دفنت حبيبتي بيدي، بعد ان عاشت في كنفي سبعة عشر عاما، كان اكثرها قربة بيننا ايام المستشفى حين اصيبت على أمل شفائها، حتى وهبتها كل شيء روحي وعقلي وفكري وحياتي لكي أراها يانعة ثانية كما كانت وردة البيت الذي اسدل عليه ستار الحزن والظلام ما أن رحلت.
ويبدوا ان الله سبحانه قد هيأ لي سببا يداوي به جراحاتي، بعد أن أخذ الزمن مني مأخذا، وبات الشيب والكبر واضحا جليا، ليس في العمر فحسب بل من اهات الذكريات، وأظهر نورا تجسد في أحلامي وأماني، بمصادفة عنت وغيرت في نفسي الكثير، فما أن عرفتها حتى بدأ الأمل يفقدني ذاك الحزن الذي خيم طويلا، وابتدأت البسمة تظهر دون حياء تتسابق مع ضحكات حسبت أني نسيتها في وقت من الاوقات وعودت روحي على مغادرتها.
حتى من ذهب معي في رحلة الامس من الاصدقاء لم يعرف عن انتقاء هذا اليوم تحديدا، ولم افصح به لسببين، أولهما لم أرغب في أن أشعر أحدا بما يحمل قلبي من موت وحسرة وألم على غياب حبيبتي عن حياتي، والثاني أن أحسم قراري بوداع من يعرفني وأكون قريبا منهم، فقد تكون المرة الاخيرة التي اجتمع بها مع المقربين وستكشف الايام القادمة عن نواياي، وهذا القرار لم يأتي اعتباطا من عجوز اثقلته الدنيا بحملها، لكن لأماني الكون دور في ان تستبدل الموت بالحياة والحسرة بالأمل وغياب دون لقاء إلى عودة حلم بات وشيك التحقيق.
مصادفة غريبة كانت ارسلها الرحمن ليستبدل سوادي بالأبيض الا شيبتي التي دبت فيها الحياة، مع صدفة أماني لم افكر او اخطط في يوم ان تكون على هذا النحو، هربت من أحزاني اليك ووجدت فيك الرقة والحب الصادق المفعم بإحساس، على الرغم من أنها ما زالت لم تكشف وتصرح.
لكني اخاف بشدة هذا اليوم من عودتي الى أحداث الامس المجهول، دون امل او أماني وأحرم ثانية ممن صارت لحياتي عنوانا وحولت أحلامي المشوشة الى حقيقة وواقع انعم في ظل مشاعره اليوم، حيث عدت صبيا بكل الأشياء، سأطوي مسافات الارض واسحقها جريا من أجلك، الي فيك أمل وأماني أم أن الزمان قد حكم لأطوي هذه المرة أخر الحكايات وعند ذاك لن يكون في ... للكلام بقية...    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق