الأربعاء، 16 أكتوبر 2013

للكلام بقية ... السحر وقناع الديمقراطية

تحسين الزركاني
أكثر من عشرة سنوات انقضت على اسقاط نظام الحكم في العراق، وتحول النظام الشمولي الدكتاتوري في المقاييس العالمية الى النظام الديمقراطي، الذي أسهم في نشوء عالم من الخيال والاحلام يستبشر بها العراقيين ويوهم بعضهم بعضا، أحلام رسمت في حقول مخضرة وسط بساتين يانعة خالية من الاشواك، فالنظام القسري ذهب الى غير رجعة، دون أن ينتبه أحد منهم في خضم الفرحة، أن من جاء ليحكم من خلف الحدود، لم يكن سوى داعية كاذب يوهم الآخرين كما يفعل السحرة حين يسرحون بأفكار الناس، ويصورون لهم ما لا يمت للواقع بصلة بأنه حقيقية، مخالفين القناعات والمعتقدات لنركز أنظارنا الى ما يرغب السحرة القادمون ان ننظر اليه.
والسخرية أن عامان مرا بصراع كما يحصل بحلبة الثيران، لوضع دستور فصّل لتحريك الازمات ساعة شاء السحرة القادمون من وراء الحدود، الذين جندوا معهم بعض من عاش وعانى وتناسى هموم بني جلدته لمصالح دنيوية، بتزوير وفساد وسرقة وصفقات مشبوهة باعوا فيها شرفهم وعرضهم، قبل ان يبيعوا انتمائهم الى وطنهم، ليضعوا بذلك لبنة قناع ديمقراطي يضحكون به على أنفسهم قبل الشعب، الذي أشغلوه بالفتن والحروب والاقتتال الطائفي والقومي، ليمرر دستورهم متضمنا فقرات تفرح من يطلع عليها لقربها من النظم الديمقراطية، لكنهم تركوها عائمة دون قوانين او تعليمات لتطبق في الحياة اليومية، ليتلاعبوا بها ساعة يشاؤون باسم الديمقراطية ودستور غامض.
وللأسف ان الساسة ومسؤولي الحكومات العراقية، سلبوا حقوق الانسان باسم الحرية والنظام الديمقراطي الجديد، فبين قمع التظاهرات المطالبة بالكف عن فساد بعضهم، واغتيال الاصوات المطالبة بحق الشعب في الحياة الحرة الكريمة، حتى تجاوز عدد المنتفضين القتلى ما سجلته المنظمات الدولية ليتصدر العراق قائمة الدول في كل الاشياء غير الحسنة، بين الفساد وخطورة العمل الصحافي ونشطاء حقوق الانسان لتصفوا الاجواء الى من يريد بالعراق دكتاتورية بصبغة ديمقراطية مقنعة كما يغلف الثمر بالقشور.
واللافت للنظر ان بعض المسؤولين اخذ يوقع مواثيق وتعهدات، ويبحث عن وضع قوانين تجرم المنتقدين الى الاداء الحكومي او من يسعى للحصول على المعلومة، لمراقبة الفساد والعمل على كشفه لحفظ خيرات البلد وثرواته، لتكون من حق المواطن لا من حق المسؤول وابنائه وذوي قرباه، ويذهب الى ان يساوي بينهم وبين الارهابيين، بعدة حجج ومسوغات يقنعون بها أنفسهم، منها المساس بأمن الدولة او الاخلال بالنظام العام والذوق او الآداب بعبارات فضفاضة مطاطية تفصل حسب المقاس وان تعذر فرصاص الكواتم بأيدي مليشيات الاحزاب الحاكمة حاضر يسكت اي صوت يعلوا فوق فسادها ويعمل على فضحه.
وكان مرصد الحريات الصحفية، سجل ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات العنف والقيود المفروضة على عمل الصحفيين والإعلاميين، وأوضح مؤشر الانتهاكات خلال الفترة الواقعة بين 3 آيار مايو 2011 و3 آيار مايو 2012 تصاعدا نوعيا ملحوظا، تسانده في ذلك السلطات التي تقوم بمساع مثيرة للقلق للسيطرة على التدفق الحر للمعلومات وممارسة الضغط على الصحفيين الميدانيين لمنعهم من ممارسة عملهم، وذلك بإصدار حزمة من القوانين المشددة التي تحد من الحريات الإعلامية وحرية التعبير، فيما لايزال العمل الصحفي الميداني وحمل الكاميرا أمرا معقدا للغاية، حيث تحصر السلطات أمر السماح لحركة الصحفيين وتجوالهم بالقيادات العسكرية والأمنية في جميع المدن العراقية، ويتعرض الصحفيون في أغلب الأحيان للمنع من التصوير والتغطية الإعلامية ما لم يحصلوا على موافقات أمنية مسبقة تكون معقدة وكيفية في الغالب، وعلى حد تعبير صحفيين بارزين يديرون غرف الأخبار في المحطات المحلية فإن السلطات تتعامل مع كاميرا المراسلين كتعاملها مع الأسلحة غير المرخصة أو أصابع الديناميت والسيارات المفخخة، بحسب ما ذكر المرصد.
ويشير المرصد الى أن مؤسسات حكومية وعسكرية وأمنية تعمل للسيطرة على المعلومات والحد من حرية الصحافة، تشاركها في ذلك هيئة الإتصالات والإعلام المستقلة التي تبذل جهودا مستديمة لفرض قيود على تدفق المعلومات والهيمنة على شبكة الأنترنت بالتعاون مع وزارة الإتصالات.
وفي تطور خطير تحذر منه الأوساط المدنية والناشطين في مجال حرية التعبير، تحاول الحكومة الضغط على البرلمان لتشريع سلسلة قوانين تهدف بشكل واضح إلى تقييد حرية الصحافة وفتح الطريق أمامها للسيطرة على الإعلام في العراق، وقد مرر البعض منها فيما لا يزال جزء آخر في أجندة مجلس النواب العراقي.
ووجهت السلطات التنفيذية ضغوطات كبيرة لإجراء تغييرات في قطاع الإعلام لصالحها، حيث نجحت بالتعاون مع نقابة الصحفيين العراقيين في إصدار قانون “حقوق الصحفيين” الذي يتناقض في كثير من جوانبه مع المعايير الدولية لحرية التعبير، وقد نص القانون على أن الصحفيين يتمتعون “بالحق في الحصول على المعلومات والأخبار والبيانات والإحصائيات في حدود القانون”، فيما يخشى الصحفيون أن يكون التقيد بـ”القانون” مجرد حدود غامضة سيمكن للسلطات إستخدامها لتقييد محاولتهم الوصول الى الحقيقة، حيث تخلق هذه الجوانب الغامضة عوائق غير ضرورية أمام إمكانية الحصول على المعلومات بحسب وصف المرصد.
ومع اليوم العالمي للتدوين الذي ارتبط بحقوق الانسان، أعلن ومن عشق الحرية والديمقراطية وحكم الشعب لنفسه، رفضي لكل السياسات العاملة على ارجاع العراق الى مربع حكم البعث المقبور الذي يلعنه بعض الساسة منذ ساعة وصولهم الى العراق، لكنهم يفعلون أسوء مما كان يفعل أزلامه، ونؤكد الى كل من أعمى بصره وبصيرته لطمع في المنصب والجاه ومال السحت والحرام أن إرادة الشعب غالبة ولن يدوم الظلم، والشواهد حاضرة في يومنا، فكل من سعى الى ما يفعل بعض ساسة العراق اليوم كان مصيره القتل او السجن والذل وطريق سالك الى مزابل التاريخ، فسحر الدستور بقناع الديمقراطية مفضوح يمقته الشعب وكل الاحرار في العالم، ولن تمضي سوى ارادة الشعب ولن يعلوا فوق صوته صوت، ولن تخلوا من المدافعين عن حقوق الانسان في العراق مهما حاولوا فعله، ولم ننتهي بعد فما يزال ...للكلام بقية....
روابط تبين بعض الانتهاكات الحكومية/
---------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق