السبت، 28 مايو 2011

ندوة لمكافحة المخدرات والإدمان في الديوانية بمناسبة يوم الصحة العالمي

ندوة لمكافحة المخدرات والإدمان في الديوانية بمناسبة يوم الصحة العالمي

تم نشر في May 05, 2011 | تعليق

فنار/ الديوانية / تحسين الزركاني

المخدرات عرفها الإنسان منذ القدم وأله باسمها العديد مما كان يعبد من آلهة منها ألآله (مورفينوس) (إله الأحلام) لدى الإغريق والتي تشير إلى المورفين . وقد ورد في تراث الحضارات القديمة آثار كثيرة تدل على معرفة الإنسان بالمواد المخدرة منذ تلك الأزمنة البعيدة ، وقد وجدت تلك الآثار على شكل نقوش على جدران المعابد أو كتابات على أوراق البردي المصرية القديمة أو كأساطير مروية تناقلتها الأجيال فالهندوس على سبيل المثال كانوا يعتقدون أن الإله (شيفا) هو الذي يأتي بنبات القنب من المحيط ، ثم تستخرج منه باقي الإلهة ما وصفوه بالرحيق الإلهي ويقصدون به الحشيش . ونقش الإغريق صوراً لنبات الخشاش على جدران المقابر والمعابد، واختلف المدلول الرمزي لهذه النقوش حسب الإلهة التي تمسك بها، ففي يد الإلهة (هيرا) تعني الأمومة، والإلهة (ديميتر) تعني خصوبة الأرض، والإله (بلوتو) تعني الموت أو النوم الأبدي . أما قبائل الإنديز فقد انتشرت بينهم أسطورة تقول بأن امرأة نزلت من السماء لتخفف آلام الناس، وتجلب لهم نوماً لذيذاً، وتحولت بفضل القوة الإلهية إلى شجرة الكوكا .لكن المخدرات طريق الهلاك وتفسخ القيم في المجتمع ، وهي أوسع الأبواب لتمويل الإرهاب ، ثقافة وليدة في مجتمعنا العراقي المسلم الذي كانت ولا زالت الأخلاق والقيم حاكما فيه أقوى من كل الحكام .

نوحد الجهود لنقضي على الإدمان ومكافحة المخدرات

برعاية محافظ القادسية سالم حسين علوان تحت شعار (نوحد الجهود لنقضي على الإدمان ومكافحة المخدرات ) نظمت لجنة التربية والتعليم في مجلس المحافظة وبالتنسيق مع رئاسة جامعة القادسية والمديرية العامة للتربية والمديرية العامة لشرطة المحافظة ومديرية الإشراف التربوي وفرع نقابة الصحفيين العراقيين في الديوانية ندوة علمية ثقافية بمناسبة يوم الصحة العالمي نوقش فيها آلية الحد من انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات والإدمان على أنواعها بعد الزيادة المرعبة في أعداد المتاجرين والمتعاطين لها . وحضر الندوة رئيسة لجنة التربية والتعليم في مجلس محافظة الديوانية السيدة انتصار الموسوي ومدير الوقف الشيعي حسن عجلان ومعاون مدير عام تربية المحافظة مقداد هاشم ومدير مكتب مكافحة المخدرات في المحافظة العقيد خالد سرمك والشيخ حافظ العبودي ومدير الإشراف التربوي جواد حسن موسى ومدير الإشراف الاختصاص حمزة عبد الله ومدير قسم التعليم العام نعيم خضير وجمع من المشرفين ومدراء المدارس والصحفيين والإعلاميين في  المحافظة .

ونوقش في الندوة خمسة محاور كان أولها (الأسرة ودورها في مكافحة المخدرات والإدمان) لرئيسة لجنة التربية انتصار الموسوي والتي كانت شريكا فاعلا في الإعداد والتحضير لهذه الندوة  بينت من خلاله دور الأسرة في حماية أفرادها حيث قالت أن الإيمان هو سلاح للروح ضد الموبقات وملجأ للنفس عند الملمات ووسيلة للنجاح في معترك الحياة فكل شيء في الحياة قد يفشل إلا الإيمان ومن هنا لا بد أن يكون منظومة للقيم يعنى بها عناية فائقة فالروح كالجسد تحتاج إلى وطن والإيمان هو الوطن لهذه الروح وبما أن الأسرة هي الحاضن الأول للفرد فهناك واجبات على عاتقها . فكلنا يعتقد أن حماية الفرد من الإدمان تكون في فترة المراهقة والشباب لظهور أعراض الإدمان فيها لكن علم النفس والتربية الإسلامية أكدت أنها تبدأ منذ اختيار الزواج وهو ما أكدته الدراسات النفسية فأساس بناء وتكوين أسرة سليمة يجب أني يبنى على الاختيار الأمثل الذي يمتاز بنقاوة عالية وخالية من هذه البوادر لدى الزوجين وهنا أساس حماية الطفل فالحديث (من زوج كريمته لشارب الخمر فقد قطع رحمها) فإن كان الرجل مدمنا سيتعرض نسله إلى التشويه والخلل العقلي وهو ما أكدته أحث دراسة في ألمانيا فالأطفال الذين تعقد نطفهم ليلة رأس السنة أكثر عرضة للتشوه العقلي كون الغربيين يتناولون الخمر في هذا اليوم أكثر من باقي أيام السنة ، ويجب علينا الشروع بالحماية منذ تكوين النطفة والحمل والإرضاع لكي لا تكون الأرض مهيأة أمام بذرة الإدمان ومن الممكن أن تأتي العوارض التي بينها لنا الإسلام من خلال حرمة شرب الخمور ، ومن هذه الأمور نؤكد على أن دور الأسرة يجب أن يكون نقيا في الاختيار وحماية الجنين في فترة الحمل والرضاعة وتربيته على القيم الصالحة التي أمر بها ديننا الحنيف حماية لأسرنا من الضياع في هذه المستنقعات . ومن أسباب الإدمان التفكك الأسري بعد أن ابتعد المجتمع عن أجوائه الإيمانية كما تعد البطالة وقلة الوعي والإدراك الأسري في معرفة قيمة الإنسان عند الله سبحانه وتعالى ورفاق السوء الذين يصاحبهم الأبناء بعيدا عن متابعة الآباء .

التكليف الشرعي الواجب على المسلم في مكافحة المخدرات

وعرف الشيخ حافظ العبودي في ثاني محاور الندوة والذي حمل عنوان التكليف الشرعي الواجب على المسلم في مكافحة المخدرات . أن المخدر هو كل ما غطى العقل وأفقد الوعي وقد حرم الإسلام المخدرات بأنواعها فالخمر والحشيش والأفيون والكوكائين والمورفين والحبوب المخدرة وحرمة تعاطي هذه المواد ليست مذهبية بل أتفق عليها عموم المسلمين مجمعين على إنها من كبائر الذنوب التي توجب لصاحبها دخول النار في الآخرة وإنزال الحد في الدنيا وقد جاءت حرمت التعاطي والتهريب والمتاجرة فيها وحيازة وصنعا وبيعا وشراءً لما لها من ضرر بليغ على من يتعاطاها وعلى المجتمع وقد بين لنا القرآن الكريم تلك الحرمة في آيات كثيرة وأكد العلماء والفقهاء بعد أن ظهرت تلك الأنواع من المخدرات إلى استنباط الأحكام لما لهذه المواد من تأثير على المجتمع وجاء تحريمها مطلقا وحرمتها ليست ذاتية كحرمة الخمر بل هي حرمة عرضية من باب العلة والمعلول ، وهناك عدة أحكام في رسائل العلماء حرمت المخدرات ومنها يحرم استعمال المخدرات بل يجب اجتنابها مطلقا سواء أدت إلى الإدمان أم تؤدي إلا في حالات الضرورة الطبية ونحوها فتستعمل بمقدار ما تدعو له الضرورة وهذا الحكم يشمل الخمرة أيضا والحكم الآخر يقول لا يجوز تعاطي المخدرات لأي كان إلا إذا تعرضت حياته للخطر جراء الإقلاع عنها . وعن التدخين ورأي الفقهاء فيه فالبعض يرى أن التدخين ابتدأ محرما مطلقا .

دور المؤسسة التربوية في نشر الوعي الثقافي ورسالة الطلبة

في نشر مفهوم الحد من مخاطر المخدرات والإدمان

وأشار معاون مدير عام تربية القادسية إلى دور المؤسسة التربوية في حماية الأسرة والطلبة والمجتمع في ثالث محاور الندوة إذ قال أن كل تربوي لديه الصورة الواضحة والمعرفة بالعلاقة بين الأسرة والمؤسسة التربوية وهذا الرابط جاء من باب إكمال الواحدة لعمل الأخرى مبلورة إياه لتجعله أكثر استقامة للسير في الاتجاه الصحيح ، فالمسؤولية الأكبر تقع على عاتق الأسرة وتكمله المدرسة ، فالحروب تبدأ من رياض الأطفال وتدل هذه المقولة على كيفية تربية الطفل ونشأته ونوع المعلومات المقدمة إليه فتلميذ الروضة حين يكبر ويتقلد دورا في قيادة المجتمع سوف يعكس ما تربى عليه في نشأته فتجربة نجاح السوفيت في وصول القمر حفز الأمريكان لتغير المناهج من أجل رفع المستويات العلمية لشعوبهم كي يتمكنوا من السباق مع السوفيت . فالتلميذ والطالب يرى أبيه والمعلم قدوة ومثلا أعلا يقتدي بصفاتهما وهو ما يجعل منهما أمام مسؤولية كبيرة في الحفاظ على الأمانة التي حملها الله إليهما .

الأثر النفسي لدى المدمنين وكيفية التعامل معهم من أجل عودتهم

إلى صفوف المجتمع ليكونوا شركاء فاعلين في البناء

رابع المحاور هو ما تحدث عنه الدكتور كاظم جبر الجبوري أستاذ علم النفس في جامعة القادسية حيث قال أن الإدمان في العراق أصبح مشكلة حقيقية أخذت في النمو بشكل متسارع خاصة لدى المراهقين والشباب وأعلى نسب سجلت في بغداد وكربلاء وميسان وبابل والبصرة والسبب في ذلك هو دخول كميات كبيرة من المخدرات مع الوافدين للعتبات المقدسة وقد أصبحت اليوم تصنع في داخل القطر وخصائص المدمن هو تدهور المستوى الدراسي للطالب والصداقات الجديدة وتقلب المزاج والتوتر وعدم الاهتمام بالمظهر الخارجي والتدهور الصحي والكذب والسرقة أما في البيت فإنه يتجنب النظر لوالديه ويحيط تصرفاته الغموض والسرية ويكون لون عينيه أحمر، وخصائص الطالب المدمن هي ضعف التركيز تناقض الدرجات ضعف التعلم يلقي باللوم عل أساتذته لا يحترم السلطة يتوقف عن المشاركة في الفعاليات والنشاطات المدرسية الوصول المتأخر للمدرسة والغياب الغش والسرقة يفتعل المشاكل ويحوم حول الأماكن التي تسمح بالتدخين أو البعيدة عن المراقبة . والمخدرات من المحفزات لارتكاب الجريمة التي هي موجودة أصلا في تكوين شخصية المدمن والتي لا يستطيع كبحها . والوسائل التي تمكننا من الحد من انتشار هذه الظاهرة هي إتلاف وحرق المواد المخدرة المصادرة أثناء عمليات الاعتقال لكي لا يتم إعادتها مرة أخرى للتداول في أوساط المدمنين ضبط الصيدليات والتوسع في إنشاء العيادات النفسية ضبط الحدود مع دول الجوار طبع وتوزيع الملصقات والبوسترات التحذيرية للإدمان والتعاطي وما تؤدي إليه .

البعد القانوني والتبعات المترتبة على المتاجرين والمدمنين

وكان آخر المحاور بعنوان البعد القانوني والتبعات المترتبة على المتاجرين والمدمنين تقدم به مدير مكتب مكافحة المخدرات العقيد خالد سرمك بين فيه أن المخدرات طريق للإرهاب وقنبلة موقوتة من الممكن استغلالها وتفجيرها في أي وقت كون المدمن لا يعي شيئا من تصرفاته ويكون الدافع الإجرامي قد تمكن منه بعد وصوله لمرحلة الإدمان ويكون هذا الاستعداد موجودا لديه مقابل حبة أو إبرة أو أي شيء تعود على تعاطيه . وأضاف سرمك أن للمخدرات أنواع كثيرة يتصور الناس إنها حبوب فقط ولكن ما يقع ضمن قانون مكافحة المخدرات هي حبوب الهلوسة والمهدئة والمؤثرات العقلية والنفسية والأمفيتامينات التي يتناولها الرياضيين وهذه الأنواع لها تأثيرات صحية قاتلة فواحد من الطلبة لديه امتحان تناول حبوب الكيبتاجون ليبقى ساهرا ثلاثة أيام متتالية من أجل القراءة لكي يكون متفوقا لا بنية السوء أو الإدمان مات بعد أن أدى امتحانه . وأشار مدير مكتب مكافحة المخدرات إلى إنجاز(361) ورقة تحقيقيه في العام 2009 وبلغت أوامر القبض في العام نفسه المنفذة من المحاكم (198) أنجز منها (197) ما عدا الأوامر التي نفذت بصورة مباشرة من خلال الكمائن والمفارز والمعلومات وحكمت المحكمة الجنائية في ذلك العام (120) متهما وفي العام 2010 صدر (93) أمر قبض أنجز منها (67) أمرا والمواد القانونية التي يتعامل بها القضاء مع هذه التهم هي المادة (240) وهي للمخالفات في الحيازة وهي أقل الأحكام والمادة (39) والمادة (14) مخدرات تصل إلى حكم الإعدام والمادة (50) صيدلة وكان عدد من صدر بحقهم حكما جنائيا لغاية هذا الشهر من العام 2010 (60) متهما وتتلخص هذه الأحكام بالسجن أو الغرامة أو الإفراج الذي يعطي فيه القاضي فرصة للمتهم لأسباب إنسانية أو معيشية ومن يلقى القبض عليه للمرة الأولى .

التوصيات والمقترحات التي من شأنها الحد من انتشار ظاهرة الإدمان المخدرات

وخرج الحاضرون للندوة بعدة توصيات أولها كانت للمستشار الرياضي للمحافظ طالب في أن يكون للرياضة دورا مهما ودعمها جانب أساسي في حماية المراهقين والشباب من هذه الشرور لما للرياضة من أثر في نفوس الشباب فاحتضانهم وإقامة الفعاليات الرياضية المستمرة من شانها أن تملأ الفراغ الذي يحس به هؤلاء الشباب .

وطالب مستشار المحافظ للشؤون الاستماعية نصير كاظم العصامي وزارة التربية بتطوير المناهج الدراسية وعلى دوائر الصحة تنفيذ واجباتها من خلال نشر الوعي الصحي والثقافي الذي من شأنه حماية المجتمع من هذه الظواهر وشن حملة جدية للمروجين لهذه الآفة وملاحقتهم في البؤر والأوكار التي يستعملونها لنشر سمومهم في المجتمع وعلى الإعلام أخذ دوره الحقيقي في نشر الوعي ضد المخدرات والإدمان وأن لا نتوقف بعد نهاية الندوة وعلى القضاء إنزال أقصى العقوبات بحق المتاجرين والمروجين وعدم التساهل معهم . فيما طالب مدير الإشراف التربوي جواد حسن موسى زيادة عدد هذه الندوات والتحضير المسبق لها وإشراك دائرة الصحة فيها لتسهم المؤسسة التربوية إسهاما فاعلا في تنفيذ هذه البرامج التي من شانها حماية أبنائنا التلاميذ والطلبة من هذا الشر الذي بات يتهدد حياتنا وهو الواجب الشرعي الذي نلتزم به . وأشاد العقيد خالد سرمك بفكرة هذه الندوة  والتي لم يتطرق لها أحد من قبل وضرورة مناقشة الحلول الحقيقية التي من شانها الحد من هذا البلاء عبر عزل المحكومين وفق هذه المواد عن باقي المجرمين والتعامل معهم على أساس المرض وتطبيق تجارب الدول الأخرى خاصة وأن الكوادر العراقية تدربت في العديد من الدول العربية والأجنبية ولديها أفكار في الحد من انتشار ظاهرة الإدمان .

وطالب الصحفي صفاء شمخي  بنقل مثل هذه الندوات إلى الشارع وإشراك المجالس المحلية فيها والبدء بنشر الوعي من تلك المناطق التي تحتضن هذه البؤر لا أن نكتفي التداول بين أروقة القاعات . وقال  المستشار إلا علامي لرئيسة لجنة التربية علي ألشباني إنها خطوة جريئة دعمت من قبل محافظ القادسية سالم حسين علوان ولجنة التربية في مجلس المحافظة أشاد بها جميع الحاضرين الذين طالبو بالمزيد منها في الأيام القادمة لما لها من دور حقيقي يسهم في الحد من انتشار هذه الظاهرة وسوف تدعم لجنة التربية في مجلس المحافظة جميع البرامج والجهود التي ترمي لبناء المجتمع الصحي الإسلامي المتمدن لمحافظة القادسية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق