الجمعة، 27 مايو 2011

العائدون من رفحاء بين فرض الطاعة والولاء أو عيش الفقر والتهميش

الديوانية / تحسين الزركاني : بعدما صعد السياسيون على أكتافهم بجعلهم شعارا لنصرة العراق في التحرر من النظام السابق رفحاء أسم قد لا يعرفه إلا من عاش بها ولكنه يعني
لساكنيها كل المعاني الإنسانية . يقع معتقل رفحاء على الحدود العراقية السعودية أنشئ بعد
أحداث العام 1991 عندما أقدم النظام السابق بحملة اعتقالات عشوائية طالت جميع مناطق الوسط والجنوب وهو ما دعاهم للهرب صوب الحدود العراقية السعودية التي بنت المخيم والذي عاش فيه اللاجئون أصعب أيامهم لما سمعنا من قصص كانوا أبطالها . وتكمن المأساة بعد عودتهم لأحضان وطنهم فبعد أن فضلوا البقاء في صحارى الغربة لنصرة قضيته وبيان مظلومية شعبه وقهر نظامه الحاكم . لم يذهبوا باتجاه دول الغرب التي قدمت لهم عروضها للعيش كلاجئين . وها هم اليوم يعيشون غربة أكبر بين أحضان الوطن الذي عادوا إليه ليجدوا المساومة في تقديم فرض الطاعة والولاء لنيل حقهم وتعوض سنييهم التي دفعوها ثمنا ليشملوا في مؤسسة ما أو العيش بنيران العوز والفقر والتهميش .

الم ومعاناة في قصص يرويها أبطالها بعد عودتهم

خمسة وسبعين عائدا من رفحاء يسكنون ناحية الشنافية (78) كم جنوب غرب مدينة الديوانية يعيشون في فقر وعوز وبطالة . عزيز كريم كاظم 38 عاما عاطل عن العمل رفعت عنه تخصيصات الرعاية الاجتماعية يعيش على ما تقدمه لهم رابطة رفحاء من مواد غذائية ومساعدات فقط يقول لم نسلم من الاضطهاد والقمع حتى بعد أن هربنا إلى رفحاء ذلك المكان القابع في وسط الصحراء حيث كانت أيدي عملاء النظام السابق تلاحقنا وتحاول النيل منا ونجحت في ذلك أكثر من مرة فحرق الخيام علينا ونحن نائمين والتفجيرات وتسميم المياه وتلويث الطعام كل هذا مسجل لدى الأمم المتحدة إضافة لاعترافات (السامرائي) رئيس جهاز مخابرات النظام السابق ، كما قتل العديد منا في داخل المخيم على أيدي الجنود السعوديين . كل هذا لأننا لم نقبل في مغادرة الأراضي السعودية والذهاب للدول التي كانت تمنح حق اللجوء ورفضنا لسبب واحد هو أن نكون صوتا للعراقيين في محنتهم مع النظام الحاكم وشاهدا على تعسفه واضطهاده لذلك الشعب. يضيف عزيز اليوم وفي كل دائرة نتقدم إليها نجد الرفض والاستهجان واضحا والسبب في ذلك يعود لبقاء بعض من كان في السلطة السابقة والذي لا زال يعمل اليوم في مكتب رئيس الوزراء يطلق علينا تسمية (صفحة الغدر والخيانة) نافذا في قراراته لعدم تشريع ما يعطينا الحق بالعيش في وطن قدمنا له الأعمار ولسنا بنادمين والغريب في الأمر أن السياسيين الموجودين اليوم كانوا أحرص الناس في البقاء بجوارنا خاصة في الأيام التي سبقت الإطاحة بنظام صدام . منصور ذنون حمزة 43 عاما من أهالي الشنافية خرج في العام 1991 إلى رفحاء لم يتمكن من الزواج إلا مؤخرا بسبب الظروف التي عاشها في المعتقل رغم أن فرص عديدة قد لاحت له في الذهاب إلى أمريكا وأستراليا وعدة دول اسكندنافية لكنه آثر البقاء مع زملائه في المعتقل لأنها (التسمية الأصح) ليمثل معاناة العراقيين بالداخل في ظل حكم (شمولي دكتاتوري) والغريب في الأمر أن الأحزاب الإسلامية والعلمانية كانت قبل سقوط النظام تتودد إلينا وتتسابق فيما بينها للتواجد بيننا واليوم نعيش في ألم وعوز وحرمان من أبسط الأشياء نتيجة رفضنا المساومة على الارتماء بين أحضان الذين وصلوا إلى كراسيهم اليوم وأصبحوا قادة يتحكمون في مصير الشعب . ولا نريد شيئا سوى حقنا الطبيعي ولا نفضل أنفسنا على باقي العراقيين أو نتفاخر كون المظلومية توزعت بالتساوي على الجميع ولكن نريد العيش بعزة وكرامة بعد أن مرت علينا السنوات دون أن نتمكن من ضمان شيء لأنفسنا فلا سكن كريم أو موردا ثابتا ولا نعرف كيف سنتمكن من الاستمرار في العيش في ظل هذه الظروف العصيبة والتي صارت تزداد يوما بعد آخر واليوم هناك شخص واحد يفكر فينا ويحرص علينا وهو رئيس رابطة رفحاء ستار جابر ألهاشمي الذي يستقطع من قوت عياله لشراء موادنا الغذائية التي تقدم لنا بين فترة وأخرى ومن يحتاج للعلاج يذهب إليه وسعى في تعين بعضا منا كحراس أو موظفي خدمات . رئيس فرع الرابطة في الشنافية 45 عاما يقول معاناتنا في رفحاء لا توصف بعد أن وصل الأمر إلى الجنون والانتحار حتى من قبل المتدينين نتيجة الظروف والضغط الذي كنا نعيش فيه وعند مرور الأعياد علينا كان العزاب أكثر المعانين فالعوز المادي الذي نحياه في المعتقل إن صحت التسمية منعت الراغبين فينا من الزواج فأشقائنا السعوديين لم يمنحونا سوى ما يكفي من الطعام , وناسف اليوم لعدم ذهابنا مع لجان الدول التي كانت تقدم لنا عروض اللجوء فيها فلو ذهبنا معهم لكنا الآن من ضمن القادة أصحاب الحمايات والأرصدة الذين لا نطالبهم بشيء سوى العدل والتفكير بأبناء الشعب ونذكرهم بوعودهم التي كانت قبل سقوط النظام . وهناك قصص أخرى تتحدث عن ألم ومرض وفقر نضعها أمام أنظار المسؤولين عند زيارتهم لهذه الشريحة في أماكن سكناهم التي لا تصلح أن يسكن فيها (---) فما بالك بمن ضحى بنفسه وجاهد وهاجر في سبيل الله الوطن .

القرار 140 حرمنا حقوقنا وضيع علينا فرص النجاة وصوتنا أمانة بيد 

أصدر القرار 140 في الدستور على أساس تعويض المتضررين من سياسات النظام السابق ولكن واقع الحال يختلف كما يراه معتقلو رفحاء رئيس رابطة رفحاء الإنسانية ستار جابر الهاشمي 40 عاما التي تأسست في العام 2004 يقول أننا مهمشون منذ سقوط النظام حتى اليوم بالرغم من مراجعاتنا المستمرة والمطالبات المتكررة بحقوقنا أو مقابلة المسؤولين في مكاتب رئاسات الوزراء المتعاقبة على العراق دون جدوى وكلها موثقة لدينا وسنسلمكم نسخا منها وهو ما دعانا إلى الاعتماد على أنفسنا في إيجاد تمويل يتبرع به أهل الخير لمد يد العون لهذه العوائل التي غيبت تماما ونسيت ولم يعرفها المسؤولين للأسف إلا في أوقات الانتخابات بمساومات في تقديم فروض الطاعة لتحقيق المطالب وبين الرفض لنبقى نسيا منسيا لم نكن نرغب في فتح هذا الموضوع حتى اليوم بسبب أن هناك أمورا أهم تشغل السادة المسؤولين وهي أولى منا فأمن البلاد واستقراره السياسي كان بالنسبة لنا أهم منا وقد أعطيناهم العذر لسبع سنوات مضت ولكن الأمر وصل اليوم إلى حد لا يمكن السكوت عنه فحال العائدين من رفحاء بات يندى له الجبين لما أصابهم من عوز وفقر لا يتناسب وحجم التضحيات التي قدموها وحين أصدر القرار 140 لتعويض المتضررين من سياسات النظام السابق أضيفت في القرار فقرات تؤكد على عدم شمول أهالي رفحاء فماذا يعني استثناء من لم يتزوج قبل العام 2003 من التعويض ولعل سائل يسأل كم كان عمر المهاجرين إلى رفحاء في العام 1991 ممن لم يكن متزوجا وفي ذلك الوضع والظرف هل كان يستطيع الزواج وبعد أن عاد كم أصبح عمره لماذا غابت هذه الأسئلة عن ذهن مشرع هذا القرار وعليه باسم أهالي رفحاء أطالب السادة المسؤولين إعادة النظر في القرار وشمولنا دون استثناء بالتعويض والتوظيف لمن تتراوح أعمارهم الأربعينيات و شمول كبار السن برواتب شبكة الحماية الاجتماعية أو أن نكون ضمن مؤسسة السجناء السياسيين لإننا كنا محكومين 13 سنة في غربة عن الأهل والوطن. ويضيف ألهاشمي هذه هي المرة الأولى التي تبحث فيها عن أحدى وسائل الإعلام وتصل إلينا وصوتنا اليوم صار أمانة في "الصباح الجديد" ليسمع الغافلين عن قضيتنا إننا موجودين نعاني مرارة العيش بعد التضحيات و الوعود ونقول لهم نطالب بحقنا وفق الدستور في توفير الحياة الحرة الكريمة لجميع العراقيين كما نطالب رئيس الوزراء ومعالي وزير التكنولوجيا رائد فهمي رئيس لجنة المادة 140 مقابلة وفد يمثل أهالي رفحاء والذين لا يتجاوز عددهم الخمسة آلاف في عموم العراق منهم (240) عائلة في الديوانية . كما نطالب محافظ الديوانية سالم حسين ورئيس مجلس المحافظة جبير الجبوري التعاون مع هذه الشريحة واستثنائهم من شروط شبكة الحماية الاجتماعية خاصة بعد إبعاد عدد كبير منهم رغم أن موافقتهم جاءت من قبل وزارة الهجرة والمهجرين وما جرى هو اجتهادات من قبل أعضاء المجالس البلدية في الأقضية والنواحي . 


http://www.soqalshiyookh.com/picnews/soq2382.jpg
http://www.soqalshiyookh.com/picnews/soq2383.jpg
http://www.soqalshiyookh.com/picnews/soq2384.jpg
http://www.soqalshiyookh.com/picnews/soq2385.jpg
http://www.soqalshiyookh.com/picnews/soq2386.jpg
http://www.soqalshiyookh.com/picnews/soq2387.jpg

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق