السبت، 4 مايو 2013

للكلام بقية ... طبخة سياسية وسياسة مطبوخة


تحسين الزركاني


يبدو أن الطبخة السياسة استوت بعد ان وضعت لها كمية مناسبة من الوقود، قام بإعدادها الساسة منذ عدة أشهر، ليأكل الناس ما أسهموا فيه بعد أن قاموا باختيار ممثليهم في مجالس المحافظات، وها قد اعلن الفائزين لتشكيل الحكومات المحلية الجديدة، فالشحن الطائفي وسياسة التسقيط التي انتهجت قبل بدأ بعض المرشحين في الشروع بحملاتهم الدعائية، للفوز بأصوات الناخبين بشتى الطرق المشروعة وغير المشروعة، وتوظيف بعضهم الى المال العام وممتلكات الدولة للترويج عن انفسهم كبضاعة رخيصة ابتعدت في محتواها عن مفاهيم الديمقراطية وطرق الترشيح لإقناع الناخبين.

وانتهى التصويت والاقتراع وذهب البعض لأداء ما عليه، فمنهم ذهب ليسدد ما باع نفسه من أجله، وآخر ينفذ ما املى عليه أسياده، وغيرهم راح مناصرا الى مذهبه أو حزبه، وقليل بحث عن التغيير والكفاءة، واعلنت اليوم نتائج الاختيار، لنعرف من سيكون على سدة الحكم لأربع سنوات لعلها تعوض ما فات من مثلها الماضيات.
ولم اتفاجأ من النتائج التي أعلنت، فالمطبخ السياسي صنع المقبلات ووضع التوابل فوق طبخته، ليطعمها الى ابناء الشعب، متجاوزا بذلك خيارات من قبع في منزله يشاهد التلفاز ليلعن وهو جالس، وآخر أخذ يحث الناس على عدم الخروج فلا فائدة منه، لبقاء الحال كما هو، فيما حشد الطرف الآخر مناصريه وشاركوا بقوة للحصول على مبتغاهم.
ويبدو أن الساسة الطباخون هذه المرة أتقنوا وضع المقادير المناسبة، لتكون الأكلة سائغة الطعم، يمكن تمريرها على من لا يحبها، اذ وضعوا الطماطم مع المعجون والبصل الاخضر مع اليابس، والبقدونس مع الكرفس، واللبن مع الحليب، ولحم الخروف مع الدجاج والسمك، والرقي مع البطيخ، ليأكل كل على هواه، لأنها في النهاية طبخة سياسية، خطط لها ودبرت في ليل، اما المقبلات والسلطات فقد وضعت خارج اسوار الحدود كما هو واضح المعاني حتى عند المبصرين.
وعليكم اليوم أن تهضموا ما طبخ لكم الساسة في مطابخهم، لنأكل مدة أربع سنوات أخرى، دون رغبة منا لكن لأنه خيار الآخرين، الذين اشتروا لهم المواد اللازمة لطبختهم، وأن لا يعترضوا بعد اليوم على طبخة ساستهم، وليأكلوا بنهم ما وضعه الساسة الطباخون، اما نحن لن نأكل مع الآكلين، ولن نستذوق السياسة المطبوخة وسيكون لنا معهم ...للكلام بقية...   

هناك 10 تعليقات:

  1. سلمت اناملك ويبقى الشعب العراقي مخدوع ويستمر الخداع

    ردحذف
    الردود
    1. بل هو من يسمح لنفسه بان ينخدع
      لا حرمني الله نور حروفك اخي علي

      حذف
  2. ابو ضياء الغالي تكلمنا كثيراً و اوعينا كثيرا الناس
    و لكن ماذا نفعل ان كانت ادمغتهم متحجرة فقط كتبت كل ما يجول بخاطري من باع نفسه و من صوت على حساب المذهب لا الكفاءة و و كثيرا هي الطرق التي رشحوا فيها
    فيا خسارتنا على شعب يصنع الطغاة و يرضى ان يكون عبيدا

    ردحذف
    الردود
    1. حبيبي بحووور ويبقى بصيص ضوء يسفر من بين الظلام عليه نراهن وعليه نعتمد لنشق الطريق الى ان نصل الى الدولة المدنية التي تعتمد الكفاءة على حساب العشيرة والمذهب والدين والقومية
      شكرا لعبق مرورك وعطر كلماتك

      حذف
  3. طبعا ان الطبخات لها مطابخها و صناعها و طبعا الشعب مستهلك اكثر مما يكون انتقائي و اقعي و هذه النتيجة الانعكاسية لم تكن وليدة المرحلة الجاثمة و الغاشمة بل هي و ليدة سنوات عجاف مريرة امر من الحنظل و اقسى من الشوك!
    و هذه النتائج اصبحث مخزية للحد الذي اعلن به الياس من الاصلاح ... و اعلن كما اعلنها نيتشة من قبل للمسيحيين اتعبدون اله ميت منذ قرون!
    فاليوم اعلنها ان العراق قد سلخ على مذبح الحرية منذ اليوم الاول الذي جثمت الحوزة الحسبية الكلاسيكية على عقول المتحجرين و جعلتهم كالصم لا يسمعون و لا يعون و اماتتهم حتى اصبحنا نعيش مكرهيين نحيا بغربة ظلماء و سط الاموات و مدن الاشباح!!
    وكما يقول الله (افلم يسيروا في الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها او اذان يسمعون بها فانها لا تعمى الابصار و تعمى القلوب التي في الصدور)
    او كما يقول نيتشة هؤلاء ليس لهم اذان فالنقص اذانهم لكي يسمعونا بعيونهم!
    و اخرا ...............
    اتمنى لك الموفقية و دوام الكلمة الصادقة المتفجرة بالعطاء و الالم و الحب في وسط هذا الصم الصياخيد و ثقافة الاستحمار وان كانت الصم الصياخييد بعضها ما يتفجر الماء منه و هم ليسوا كالانعام بل اضل سبيلا!

    ردحذف
    الردود
    1. قطعت علي الكلام واعجزتني عن الرد اخي جعفر حفظك الله وأيدك

      حذف
  4. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    سيدي القدير الزركاني ..
    سلمت يمناك وأهنئك على الشجاعة في الطرح والفصاحة في البوح ..!
    أحسنت الأختيار لعنوان مقالك المبجل ..!! سيدي الكريم لكن انا راق لي جداً الشطر الثاني من العنوان ..!! سياسة مطبوخة !!
    نعم فقد مللنا المطبخ السياسي لما يقدمه لنا من وجبات سريعة
    طيلة الاعوام العشر الاخيرة ..!! لقد كان مطبخنا السياسي لأربعون عام متخصص بنكهة واحدة الا وهي99.9 هذا ماكان الشعب يتقيأه دائماً ..!!
    اليوم اختلفت النظريات التي وضعها لنا تشارلز داروين في أصل الأنواع عام 1859 ..!!
    قال داروين في أصل الأنواع :
    " لقد روج لفكرة الانتقاء الطبيعي والصراع للبقاء الذي يفوز به الافضل. أليس ذلك من صلب نظرية الانتخاب الطبيعي؟؟؟"
    هنا بدأ العمل بترجمة النظرية على يد
    الفيلسوف الانكليزي هربرت سبنسر (1820- 1903)، صديق داروين، الى مقولة" البقاء للاصلح" ..!!اظنك ستتفاجأ من ردي الفقير هنا ..!! وهذا من حقك استاذنا الزركاني ..!!
    انا ساترجم أصل الانواع في النظرية الداروينية الى (البقاء لملح الطعام ) الأبيض الذي غادر منشوركم لا لشيء لانه شعر بالخجل بعد ان رُكن الملح جانباً في المطبخ السياسي
    لانه ربما يترجم المقولة ( الملح يغزر) !!! لكن أقولها وبكل أسف وانعي الملح لانه لم يستطيع فرض نفسه بكل كبرياء الأرض الطيبة التي نبع منها هذا الملح
    الذي غادره الساسة العراقيون الى غير رجعة وذلك بسبب خوفهم انه يوضع على الجرح ليلتئم ..!!
    من سيلملم جروح العراق بعد ان تعثر المطبخ السياسي من وضع الملح في قدور الضغط الكاتم العراقي ..!!
    للأسف الشديد العملية السياسية تعرت وخلعت كل الأقنعة التي كانت توّهم الفرد العراقي لأيامٍ خلت ..!!
    هضمنا الأكل السياسي لان الشعب بات يفهم كل مايحاك ويطبخ في الظلمة التي فرضها علينا الرجال الذين تسيدوا على الكرسي ..!! حتى كرسي الفراش أصبح ذا صيتٍ عالي
    اليوم..!!هنيئا لنا ملحنا الذي يشفي الجروح وهنيئاً لهم مطبخهم الذي أعلن عن وجبتهِ الأخيرة ..
    أتمنى على الجميع الذين أكملوا لعبتهم الاخيرة وبكل جرأة أن يفهموا أننا فهمنا وعلمنا مادار خلف الكواليس ..
    دمتَ ودام لنا حبرك المبجل وانا راقت لي جداً (للكلام بقية ) لانه حان الوقت لطرح السؤال : كيف تمت عملية التصويت ونحن كلنا يقين بان اكثر القوائم حصلت على
    أرقامها المنافسة التي سجلت أعلى الأرقام ...
    مساء الملح الوطني من تربة العراق الحبيب

    ردحذف
    الردود
    1. بكلماتك اختي السعيدية اكتمل الموضوع واتضحت كل الصور وأصبت كل ما أغفلت وها انت معي تذكرين فهل تنفع الذكرى.
      دمت لي اختا وزميلة وصديقة أبدية

      حذف
  5. اخي العزيز الزركاني ..لم نكد نشك ولو للحظة واحدة ان طبخة هؤلاء لها من يتذوقها ومن يحرص على تناولها ، فالكثير من عديمي الحواس قد جهزوا اطباقهم مهللين ومكبرين لاستقبال نفس الطعام بنفس المواد الكريهة الرائحة والطعم ، فسياسيونا قد علموا بفقدان هؤلاء لحاسة الذوق والشم فضلا عن السمع والبصر بعد ان الجموا افواههم بلجام المادة والاموال السحت التي استحصلوا عليها من دماء ابناءنا ، لذلك كانوا متيقنين ان طبختهم سيتم تناولها وسيبقون يطبخون لان هناك من يأكل دون ان يتلذذ بطعم او نكهة .. فلا يهمهم من أكل ومن لم يأكل ..المهم ان تكون لطبختهم زبائن ..وهذا ما حصل ..تحياتي لقلمكم الثر .

    ردحذف
    الردود
    1. وصف شافي كامل ودقيق فهل لنا من أمل بما صبخ الساة وتلذذ الجاهلون؟
      مودتي واحترامي اخي ابو مريم

      حذف