تحسين الزركاني

والمصيبة أن كل ما مر به قادة العرب الجدد على الرغم من
الدروس القاسية التي مر بها من سبقهم على أيدي الشعوب، لم تترك أثرا وعبرة وتجربة
ودراية بما يستطيع الشعب فعله ان تعرض للاضطهاد أو القمع او مصادرة الحريات، فأين
السابقون اما لكم وتعقلون؟ ألم تسمعوا بقتل بعضهم ونفي الاخر وسجن غيرهم بسجون هم
من أنشأها ليقبعوا الناس فيها ظلما وبهتانا.

بالأمس دعاني احد الأخوة والاصدقاء المصريين الى العشاء في احد
شوارع القاهرة الرئيسية، لم أستغرب ما كان يفعل النشطاء هناك وهم يتسابقون لتوزيع
أوراق حملة لهم اسموها (تمرد)، لجمع تواقيع المواطنين للإطاحة بحكم الرئيس المصري
محمد مرسي، كانوا يركضون بين الناس فرحين جدا، بما كانوا يسمعون ويشاهدون من تفاعل
المواطنين معهم، أكثر من موقف صادفته جعلني أفخر بكوني عربيا بين اشقائه، وتمنيت
في داخلي أن يرى أبناء بلدي ما شاهدت، ويتعلموا كيف يتفاعلوا مع ما يفعل الناشطين
الذين يسعون الى الخلاص من الاستبداد أو الظلم او المطالبة بالخدمات، لا أن يجلسوا
بين الجدران ويكتفوا بالكلام والنيل من هذا وشتيمة ذاك، أفرحني جدا رؤية الناشطات
يركضن بين الناس والاكثر فرحا ان ترى الناس تسهم في توزيع الاستمارات بالحملة،
مشهد يدل على الوعي والحرص على مستقبل البلد حين شعروا ان هناك تهديدا فنزلوا
يؤازر بعضهم بعضا من أجل الدفاع عن ما آمنوا به.
كم بودي ان نتعلم كناشطين كيف نؤثر ايجابا بالمواطنين
كما فعل الاشقاء المصريين، فتلك مسؤوليتنا وكم بودي ان نلمس هذا الحرص والوعي
والتفاني والاخلاص على البلد ومستقبل ابنائنا لنتحد ونغير ما نشاء، عندها لن تتمكن
الطواغيت وقوى الشر او الظلام، بتهديد السلاح والتلويح بالقمع والمعتقلات من
مجابهة ومقارعة ارادة الشعب في نيل حريته والقتال دفاعا عنها والتضحية من أجلها،
ان مشاهدتي لما فعل المصريين على الرغم من أنه شأن داخلي لا يمكن لاحد التدخل فيه
باي شكل من الاشكال، أثر بي كثيرا، فهم لم يتركوا مواقع التواصل الاجتماعي
ومدوناتهم لحظة، ونزلوا الى الشارع بقوة من أجل التحشيد الى موعد اتفقوا عليه
ليحققوا اهدافهم.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق