تحسين الزركاني
يبدو ان الله سبحانه قد ابتلى الشعوب العربية بلعنة
الحكام، فكل واحد يأتي منهم الى بلد عربي يكون حاملا في داخله السخط وحب الانتقام
ورغبة الاخضاع بشتى الطرق والوسائل، وقد يكون السبب فيه الى اصل ما يحمله كل قادم
منهم من نقص في بناء شخصيته وحاجته الى كثير من الاشياء التي يحملها الاخرين، او
انه يروض كما البهائم في اقفاص ساسة الغرب التي تعمل على اعداد العملاء وتتفنن في
اظهارهم بمثل هذا المظهر على شعوبهم.
والمصيبة أن كل ما مر به قادة العرب الجدد على الرغم من
الدروس القاسية التي مر بها من سبقهم على أيدي الشعوب، لم تترك أثرا وعبرة وتجربة
ودراية بما يستطيع الشعب فعله ان تعرض للاضطهاد أو القمع او مصادرة الحريات، فأين
السابقون اما لكم وتعقلون؟ ألم تسمعوا بقتل بعضهم ونفي الاخر وسجن غيرهم بسجون هم
من أنشأها ليقبعوا الناس فيها ظلما وبهتانا.
بالأمس دعاني احد الأخوة والاصدقاء المصريين الى العشاء في احد
شوارع القاهرة الرئيسية، لم أستغرب ما كان يفعل النشطاء هناك وهم يتسابقون لتوزيع
أوراق حملة لهم اسموها (تمرد)، لجمع تواقيع المواطنين للإطاحة بحكم الرئيس المصري
محمد مرسي، كانوا يركضون بين الناس فرحين جدا، بما كانوا يسمعون ويشاهدون من تفاعل
المواطنين معهم، أكثر من موقف صادفته جعلني أفخر بكوني عربيا بين اشقائه، وتمنيت
في داخلي أن يرى أبناء بلدي ما شاهدت، ويتعلموا كيف يتفاعلوا مع ما يفعل الناشطين
الذين يسعون الى الخلاص من الاستبداد أو الظلم او المطالبة بالخدمات، لا أن يجلسوا
بين الجدران ويكتفوا بالكلام والنيل من هذا وشتيمة ذاك، أفرحني جدا رؤية الناشطات
يركضن بين الناس والاكثر فرحا ان ترى الناس تسهم في توزيع الاستمارات بالحملة،
مشهد يدل على الوعي والحرص على مستقبل البلد حين شعروا ان هناك تهديدا فنزلوا
يؤازر بعضهم بعضا من أجل الدفاع عن ما آمنوا به.
كم بودي ان نتعلم كناشطين كيف نؤثر ايجابا بالمواطنين
كما فعل الاشقاء المصريين، فتلك مسؤوليتنا وكم بودي ان نلمس هذا الحرص والوعي
والتفاني والاخلاص على البلد ومستقبل ابنائنا لنتحد ونغير ما نشاء، عندها لن تتمكن
الطواغيت وقوى الشر او الظلام، بتهديد السلاح والتلويح بالقمع والمعتقلات من
مجابهة ومقارعة ارادة الشعب في نيل حريته والقتال دفاعا عنها والتضحية من أجلها،
ان مشاهدتي لما فعل المصريين على الرغم من أنه شأن داخلي لا يمكن لاحد التدخل فيه
باي شكل من الاشكال، أثر بي كثيرا، فهم لم يتركوا مواقع التواصل الاجتماعي
ومدوناتهم لحظة، ونزلوا الى الشارع بقوة من أجل التحشيد الى موعد اتفقوا عليه
ليحققوا اهدافهم.
أما آن لنا نحن العراقيون ان نقرر ما نريد وندافع عن
حقنا في الحرية والديمقراطية، اما آن الاوان ان نعيد تلك الروح التي غادرناها على
الرغم من انها ما زالت هائمة فوق رؤوسنا املا في ان نصحوا من نومنا لنبني بلدنا
الذي انعم الله عليه بثروات لا تعد او تحصى تذهب الى جيوب اللصوص والسراق، أنكون
أحراراً كما فعل سيد الشهداء ابا عبد الله الحسين (ع)، ونموت دون تلك الحرية التي
باتت مهددة في كل لحظة بمواد الارهاب او التهم الجاهزة، ونقص الخدمات والتلاعب
بخيارات الشعب في الانتخابات وسرقة ثرواته، بعد ان شاهدت حب المصريين لتمردهم من
أجل عزة بلدهم، أثر في نفسي كثيرا كما أثرت بي ملهمتي وجعلتني اعشق الدنيا بعد ان احببت أماني الغرام، فلنمضي معا ونساند بعضنا بعيدا عن المصالح الدنيوية الضيقة ولنتعلم
من الاخرين كيف ندافع عن بلدنا، فلم ننتهي بعد وما يزال ...للكلام بقية...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق